پایگاه تخصصی فقه هنر

جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص442

صرحوا بشدتها في شارب الخمر منه، ولو كان تزويج الزاني محرما لاستثني من ذلك.

فالظاهر أن الاية خبر أريد به الاخبار دون النهي، والمعنى أن الزاني أي الفاسق الخبيث الذي من شأنه الزنا لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء اللاتي على خلاف صفته، وإنما يميل إلى خبيثة من شكله أو مشركة تقرب منه في الخباثة، والزانية أي الفاسقة المسافحة لا يرغب في نكاحها الصالحون من الرجال، وإنما يميل إلى نكاحها من هو مثلها في الفسق أو مشرك يقرب منها في الخبث، فان المشاكلة علة النظام والالفة، والمخالفة سبب الافتراق والنفرة، ويصير المعنى في الاية نحو قوله تعالى: ” والخبيثات ” إلى آخرها، والمقصود بيان المناسبة والمشاكلة الداعيين، إلى الالفة والمواصلة، وانما قرن الزنا بالشرك تشديدا لامر الزنا وتغليظا لحرمته، حتى أنه لا يشبهه شئ من المعاصي سوى الشرك، أو لان الزاني يسلب عنه الايمان حين ما يزني، لا طاعته الهوى وإشراكه في العبادة، ولذا قال عليه السلام: (1) ” لا يزني الزاني وهو مؤمن ” أو لان المشرك لا يمتنع من الزنا ولا يبالى منه، إذ لا يعتقد تحريمه كالزاني، فكأنه قيل: إن الزانية لا يميل إليها إلا من لم يعتقد حرمة الزنا كالمشرك، أو يعتقد ولا يجري على مقتضى اعتقاده كالزاني، وحيث كان المراد بما في صدرها ذلك لزم أن يكون المراد من التحريمفي آخرها الاخبار عن حال المؤمنين بامتناعهم عما يرتكبه غيرهم من المشركين وفساق المسلمين من الميل إلى الزواني وعدم المبالاة من نكاحهن، إذ لا مناسبة ظاهرة بين نهي المؤمنين والاخبار عن عدم امتناع الفساق عنها حتى يجمع بينهما بالوصف، بخلاف الاخبار، فان المناسبة المحسنة للتعاطف بينهما ظاهرة لا تخفى.

على أن إرادة النهي انما يصح لو جعل ذلك إشارة إلى نكاح الزانية خاصة، وهو وإن كان أقرب بحسب اللفظ إلا أن الانسب جعله إشارة إليه وإلى إنكاح

(1) الوسائل الباب – 1 – من أبواب النكاح المحرم – الحديث 24.