جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص402
وما في السابع من أن ما ذكره لما يقتضيه نظم العبارة كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام، ضرورة ظهور الاية في أن الصبر على ترك النكاح مع الشرطين خير من فعله، على أن الصبر الذى قد صرح أهل اللغة به وشهد به العرف – وهو تحمل المشقة وحبس النفس عن الجزع – إنما يناسب ترك النكاح مع الشرطين، لما فيه من المشقة الظاهرة، بخلاف فاقد التوقان والقادر على نكاح الحرة، فانه لا مشقة عليه بترك نكاح الامة لانتفاء الموجب له في الاول، والاستغناء بنكاح الحرة في الثاني، ودعوى ظهور كلمات الفقهاء في الوجوب مع خوف الضرر بالعزوبة أو الوقوع في المحرم فلا يكون الصبر معه خيرا يدفعها أن المسلم وجوبه مع خوفالضرر البدني، ولم يعلم إرادته من الاية، للمحكي عن أكثر المفسرين: منهم جار الله الزمخشري والعلامة الطبرسي أن المراد من خشية العنت خوف الاثم الذى تؤدي إليه الشهوة، وحينئذ يكون حكم نكاح الامة مع خوف الضرر البدني حكم المحرمات بالنسب وغيره، فكما لا تحل تلك به فكذلك هذه، وإلا لزم جواز نكاح المحرمات بأسرها مع الانحصار، بل وجوبه بذلك، وبطلانه ضروري، على أنه لو صح لوجوب تخصيص مفهوم الاية بما عدا ذلك، وليس في هذا ما يقتضى حمل قوله تعالى: ” إن تصبروا خير ” على أفضلية الصبر مع فقد الشرطين كما ذكره المعترض، وهو ظاهر.
وأما وجوب النكاح مع خوف الوقوع في المحرم لغلبة الشهوة كما ذكره بعضهم فقد عرفت ما فيه في محله سابقا، لان ترك المحرم أمر مقدور لا يتوقف على التزويج، ولذا لم يجز ارتكابه مع عدم التمكن من الانكاح المحلل بالكلية وإن بلغ من الشهوة ما بلغ، ولو لا أنه مقدور لما حرم ذلك، والقول بوجوبه وإن فرض اقتداره على ترك المحرم بالتقوي وشدة الورع كما ترى، ضرورة أن القول بوجوبه على تقديره ليس تعبدا محضا، بل إنما هو لاستلزام ترك النكاح الوقوع في المحرمعلى ما مر سابقا، وقد عرفت ما فيه ولو سلم فتخصيص هذه الصورة أعنى نكاح الامة من ذلك لدلالة الاية عليه لا ينافي طريقة التحقيق، فان تخصيص العمومات غير