جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص401
أو عدم التمكن منها، ومقتضى ذلك ثبوت ما علم ها هنا من حكم الحرة مع الاستطاعة للامة بدونها، فان المفهوم من جعل شئ بدلا عن آخر بعد بيان حكمته قصد إثبات ذلك الحكم بعينه عند إنتفائه للبدل، وحيث إن المستفاد من قوله تعالى بعد ذكر المحرمات من النساء: ” واحل لكم ما وراء ذلكم ” (1) هو جواز نكاح الحرة مجردا عن وصف الرجحان والوجوب ولو من جهة العموم فينبغي أن يكون ذلكهو حكم الامة التى هي بدل عنها، فكأنه قيل: احل لكم نكاح الحرائر من النساء، ومن لم يستطع نكاحهن فلينكح من الاماء، فيكون المستفاد منه الجواز لا الرجحان، ولا ينافيه رجحان نكاح الحرة من دليل آخر، على أن سوق الاية لوقوعها بعد ذكر ما يحرم ويحل يقتضي أن المقصود بيان حكم الامة من حيث الحل والحرمة دون الرجحان وعدمه، بل إرادته منافية لقوله تعالى: ” وإن تصبروا خير ” فان المعنى كما ستعرف أن الصبر على ترك نكاح الامة مع وجود الشرطين خير من نكاحها، وهو صريح في رجحان الترك، فلا يصح الحمل على رجحان الفعل المضاد له.
ولعل هذا أولى من الجواب عن ذلك، بأن استفادة الرجحان فرع تقدير الامة وإرادة الطلب، وهو غير متعين، لاحتمال أن يكون المقدر ما يقتضي مجرد الجواز والاباحة، بل هو أولى، لانه متيقن بخلاف الامر، فانه يتضمن شيئا زائدا على الجواز، وهو مشكوك فيه، فيجب نفيه بالاصل، إذ يمكن المناقشة فيه بأن مخالفة الاصل لازمة على تقدير الجواز أيضا، فان الاصل عدم التحريم مع فقد الشرطين، بل المخالفة على هذا التقدير أظهر كما لا يخفى.
وأولى من الجواب بأن رفع الرجحان الذى هو بمنزلة الفصل يستلزم رفع الجنس الذى هو رفع الجواز على ما هو التحقيق، وفيه أنه يقتضي رفع الحصة المعينة من الجواز التى تقوم بها الرجحان، لا ارتفاع الجواز مطلقا كما هو المطلوب.
(1) سورة النساء: 4 – الاية 24.