پایگاه تخصصی فقه هنر

جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص109

ثم أطنب في المناقشة في الاية بدعوى اشتراك لفظ ” أنى ” بين معنى ” أين ” ومعنى ” كيف ” الذى لا يدل عمومه على تعدد الامكنة، بل تعدد الهيئة الشاملة لاتيانهن من قبل أو دبر في القبل، كما ورد (1) في سبب النزول، والمشترك لا يحمل على أحد معنييه بدون قرينة، والقرينة هنا إما منفية عن هذا المعنى أو موجودة في الجانب الاخر، وهى الحرث المقتضي للزرع، وقوله تعالى:( وقدموا لانفسكم( (2) فان المراد منه على ما قيل طلب الولد، وقوله تعالى (3):( فاتوهن من حيث أمركم الله( فان آية الحرث وقعت بعدها كالمبينة لها، وأما ما ورد في سبب نزولها من فعل عمر ذلك (4) وأنه جاء الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، فقال: هلكت فنزلت ” فمعارض بما روى (5) من أن سببه الرد على اليهود، وكلاهما مروي من طرق العامة، ويزيد الثاني أنه مروي من طرق الخاصة كما سمعته في صحيح معمر (6) وحمل المشترك على معنييه كما وقع للطبرسي فقال: ” المعنى أين شئتم وكيف شئتم ” ليس مرضيا عند المحققين.

وفيه أن المصرح به في كلام أئمة اللغة أن ” أنى ” للمكان، فاستعمالها في غيرهمجاز، لا اشتراك، وعلى تقديره فعموم الاشتراك عملا بالقرينتين غير ممتنع، بل هو المتجه كما سمعته من الطبرسي، لحصول القرينة، بل تعددها على كل منهما، هذا إن لم نقل: إن عموم الكيفية يقتضي التعميم في المكان كما مر، على أن المكان هو مطلق بالنسبة الى الكيفية، وخبر معمر مع موافقته للعامة معارض بما في خبر ابن أبي يعفور بناء على إرادة الاستدلال بالاية فيه على ذلك، لا على أن المراد بقوله تعالى:( من حيث أمركم الله( الولد، والحاصل من تأمل ما في المسالك هنا وجد فيها مجالا للنظر.

وأغربه أنه مع إطنابه خرج من المسألة بلا حاصل، مع أنه لا محيص للفقيه

(1 و 6) الوسائل الباب – 72 – من أبواب مقدمات النكاح الحديث 1.

(2 و 3) سورة البقرة: 2 – الاية 223 – 222.

(4 و 5) سنن البيهقى ج 7 ص 198 – 194.