جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص34
وواحبها.
وقال ثانى الشهيدين: ” إن الاباحة لا تتفق على القول المشهور إلا للغافل عن القصد الراجح، والكلام في الاحكام الخمسة للقاصد، ويمكن فرضه عند الشيخ لمن لم تتق نفسه، فانه في المبسوط اقتصر فيه على نفي الاستحباب، وظاهره بقاء الاباحة، إذ لا قائل بالكراهة ” وفيه أنه يمكن فرض الاباحة على القول المشهور بما عرفت، فلا ينحصر في الغافل عن القصد الراجح، على أن ما ذكره من أن الكلام فيالاحكام الخمسة للقاصد لا يقتضى نفي الاباحة مع الغفلة عن القصد الراجح خاصة إن أراد بالقصد مطلق القصد، كما هو الظاهر، وإن أراد به خصوص القصد الراجح فحصر الكلام في الاحكام الخمسة فيه باطل، إذ لا ريب في البحث عنها من دون اعتبار الرجحان، وأيضا ما حكاه عن الشيخ ليس بجيد، لتصريح الشيخ – كما قيل – في المبسوط بأن من لا يشتهى النكاح يستحب له أن لا يتزوج، ومقتضاء كراهة التزويج له، لا إباحته، هذا.
وربما تجرى الاحكام الخمسة على النكاح باعتبار المنكوحة، فالواجب التزويج بمن يترتب عليه ضرر يجب عليه دفعه بترك تزويجها، قيل: وما لو علم وقوع الزنا من أجنبية، وأنه لو تزوجها منعها منه ولا ضرر، فيجب كفاية، ويتعين عند عدم قيام غيره به، والمحرم: نكاح المحرمات عينا وجمعا، والمستحب: نكاح المستجمعة للصفات المحمودة في النساء، والمكروه: نكاح المستجمعة للاوصاف المذمومة في النساء ونكاح القابلة المربية، والمتولدة من الزنا، والمباح: ما عدا ذلك، كما هو واضح.
ثم إن الظاهر استحباب التزويج للفقير والغنى، بل يكره تركه مخافة العيلة، لقوله تعالى (1): ” وانكحوا الايامى ” الى آخره، ولان النبي صلى الله عليه وآله (2)زوج فقيرا لم يقدر على خاتم حديد، ولا وجد له إلا أزار، ولم يكن له رداء ” وقال: ” من سره أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليلقه بزوجة، ومن ترك التزويج مخافة
(1) سورة النور: 24 – الاية 32.
(2) سنن البيهقى ج 7 ص 242.