پایگاه تخصصی فقه هنر

جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص32

يستغفر له من في السموات والارض حتى الطير في الهواء والحيتان في الماء ” (1) وأن عالما ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد ” (2) إلى غير ذلك من الفضائل التى لا تحصى كثرة على وجه يقطع ذو الفطرة السليمة الواقف على تمام ما ورد في فضيلة العلم والعلماء أنه أفضل السعادات وأشرف الكمالات، وأنه ينبغى تقديمه على كل فضيلة، وإيثاره على كل طاعة، سواء في ذلك التزويج وغيره، وما ورد في الاخبار من فضل النكاح ليس مما يدانى فضيلة العلم، ولا مما يقاربه، فلا يصلح المعارضة به، ولا الشك في أفضلية العلم بسببه، وان لم يذكر ذلك صريحا فيما ورد به، كما هو واضح بأدنى تأمل، فالواجب حينئذ تقديمه على ما يضاده ويعارضه، والاجتهاد في قطع ما يقدر عليه من العوائق الشاغلة والعلائق المانعة عن تحصيله، أو عن الاستكمال فيه، ولا ريب أن التزويج من أكبر الشواغل وأعظم الموانع حتى اشتهر ” أن العلم ذبح في فروج النساء ” وقيل: ” من تعود أفخاذ النساء لم يفلح “.

لكن قد يناقش بأن النزاع هنا في التفاضل بين طبيعتي النكاح والتخلى للعبادة من حيث هما نكاح وتخل للعبادة، من غير اعتبار خصوصية في النكاح أو التخلي، بل بمجرد النظر الى الجنسين، نحو قولك: ” الرجل خير من المرأة “والتفاضل بينهما على هذا الوجه لا يقتضي أفضلية كل فرد من النكاح على القول بافضلية ولا العكس، بل يجوز على الاول أن يكون بعض أفراد التخلي أفضل منه نظرا الى خصوصيته وإن كان مفضولا ومرجوحا بالنظر إلى طبيعته، وحينئذ يكون التفصيل المزبور ضايعا، ضرورة كون النظر فيه الى خصوصيات الافراد، والنظر في المسألة الى نفس الطبيعتين، فلا ينسلك التفصيل في جملة أقوال المسألة ولا يعد من احتمالاتها، كما يؤيد ذلك حصر الاصحاب الاقوال في المسألة في القولين، حيث إنهم بعد أن نقلوا الخلاف عن الشيخ في استحباب النكاح لمن لم تتق نفسه قالوا: إنه على القول بالاستحباب فهل هو أفضل أم التخلي ؟ فيه قولان.

(1) كنز العمال – ج 5 ص 203 – الرقم 4139 ولم يذكر فيه ” الطير في الهواء “.

(2) اصول الكافي – ج 1 ص 33.