جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص29
الراجحة، وإيثارها عليها يقتضى رجحانها بالتقرير المتقدم، وذلك ينافي كونها مرجوحة مفضولة على ما هو المفروض – يدفعه معلومية عدم اقتضاء نفس صدور العبادة منهم الافضلية من عبادة أخرى مضادة، نعم لو كانت العبادة المأتى بها طاعة مستمرة مانعة عن العبادة المضادة لها، فان صدور مثل هذه الطاعة المطلوب منها الدوام عن الحكيم العارف بحقيقة الحال لا تكون إلا لرجحانها عنده على غيرها من الطاعات المضادة، لان اختيار المفضول والاستمرار عليه مما ينافي الحكمة، والتأسيفي مثل هذا الفعل يقتضي الفضيلة والافضلية معا، بخلاف ما إذا كانت العبادة المأتي بها غير مانعة عما يضادها في الجملة، بحيث يمكن الاتيان بهذه تارة وبمضادها أخرى، كما في أكثر الطاعات والعبادات، فان صدورها عن الحكيم لا يقتضى إيثارها ولا كونها أفضل من غيرها، لا مكان صدورها وصدور مضادها عنه في زمانين، فلا يكون صدورها إيثارا، فالتأسي في مثل هذه الافعال انما يقتضى الفضيلة دون الافضلية، ولما كان النكاح أمرا مستمرا يطلب دوامه، فصدوره عنهم عليهم السلام يدل على إيثاره على ما يضاده، وهو التخلي، ومقتضى التأسي فيه كونه أفضل منه على ما قررناه، هذا.
وربما يدل على المطلوب أيضا قوله صلى الله وعليه وآله (1)، ” ما بني بناء في الاسلام أحب إلى الله تعالى من التزويج ” وقوله صلى الله عليه وآله (2) ” ما من شئ أحب الى الله عز وجل من بيت يعمر في الاسلام بالنكاح ” فانه بعمومه يشمل التخلي أيضا، مضافا الى ما ورد (3) من الحث البليغ عليه، وعموم قوله (4) عليه السلام ايضا: ” ما استفاد امرء فائدة بعد الاسلام أفضل من زوجة مسلمة تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله ” وقول الباقر (5) عليه السلام ” ما احب أن الدنيا
(1 و 2) الوسائل الباب – 1 – من أبواب مقدمات النكاح الحديث 4 – 10.
(3) الوسائل الباب – 1 و 2 – من أبواب مقدمات النكاح.
(4) الوسائل الباب – 9 – من أبواب مقدمات النكاح – الحديث 10.
(5) الوسائل الباب – 2 – من أبواب مقدمات النكاح – الحديث 4.