پایگاه تخصصی فقه هنر

جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص28

لا يستطيع أن يرفع رأسه الى السماء فليكثر من تلاوة هذه الآيات (1): الصابرين والصادقين والقانتين، الى آخرها ” وأيضا فان المنقول عن النبي صلى الله عليه وآله الائمة عليهم السلام بالتواتر ايثار النكاح على التخلي للعبادة، ودليل التأسي يقتضى رجحانه بالنسبةالينا.

لا يقال: لعل الوجه في ذلك وجود التوقان الى النكاح كما هو الغالب، ولا نزاع في أفضليته حينئذ، إنما النزاع في أفضليته لمن لم تتق نفسه، ولا دلالة للفعل المنقول عليه إلا مع العلم بانتفاء الوصف، وهو ممنوع، لانا نقول: ثبوت الفعل عن النبي صلى الله عليه وآله وصحته عنه يقتضي رجحان التأسي والمتابعة لكل أحد وان كان مخالفا له في الوصف إلا إذا كان مغيرا للحكم، لعموم الادلة وانتفاء ما يصلح للتخصيص فيما عدا الوصف المغير، كيف ولو كان التأسي مقصورا على صورة العلم بتوافق الاوصاف التى يحتمله التغيير بها لزم أن لا يسلم في شئ من الموارد، لقيام الاحتمال في جميعها، فرجحان التأسي في النكاح يقتضى عدم الفرق في ذلك بين وجود التوقان وانتفائه وإن قلنا بثبوته في المتأسى به إلا أن ثبوت الوصف له لا يقتضى استناد الحكم إليه حتى لا يجوز التأسي لفاقده.

لا يقال: أن دليل التأسي إنما يقتضى حسن الفعل ورجحانه في نفسه وأما أنه أفضل من غيره فلا يستفاد منه قطعا حتى يثبت أنه أفضل من التخلي، لانا نقول: هو كذلك لو اعتبر التأسي في نفس النكاح، فانه حينئذ انما يدل على حسنه لا علىأفضليته، وأما إذا اعتبر بالنسبة الى اختياره وايثاره على التخلي فلا ريب في دلالته على الافضلية، لان رجحان التأسي في إيثار النكاح على التخلي يستلزم رجحان إيثاره عليه، ورجحان إيثار النكاح على التخلي يستلزم رجحان النكاح نفسه بالقياس إليه، وهو المدعى.

وما يقال – من أنه يلزم على ذلك استحالة صدور عبادة من النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام مرجوحة بالقياس الى عبادة أخرى مضادة لها، ضرورة اقتضاء صدورها إيثارها على

(1) سورة آل عمران: 3 – الاية 17.