پایگاه تخصصی فقه هنر

جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص26

وفاقدهما جامع فيه أمرين يقتضى كل منهما حسن تركه، لقوله تعالى (1): ” وسيدا وحصورا ” في مدح يحيى على نبينا وآله وعليه السلام.

وقوله عزوجل (2):( وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا( إلى آخره.

فيكون مكروها، وأما من كان واجدا لاحد الوصفين دون الاخر فهو جامع بين جهتى حسن النكاح وحسن تركه، فيتعارض الوجهان فيه ويثبت له حكم الاصل السالم عن المعارض أعنى الاباحة، وفيه منع اقتضاء كل من عدم الشهوة وعدم القدرة حسن ترك النكاح، والاستدلال بالايتين على ذلك قد عرفت ضعفه مما تقدم.

وكيف كان فهل هو أفضل أم التخلي للعبادة ؟ قولان: أقواهما الاول، لما في ترك النكاح والاشتغال بالعبادة والرياضة من الرهبانية المنفية في هذه الشريعة، فعنتفسير علي بن ابراهيم (3) في تفسير قوله (4) تعالى:( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات(إلى آخره ” إنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وبلال وعثمان بن مظعون، فأما أمير المؤمنين عليه السلام فحلف أن لا ينام بالليل أبدا، وأما بلال فانه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا، وأما عثمان بن مظعون فانه حلف أن لا ينكح أبدا، فدخلت امرأة عثمان على عائشة، وكانت امرأة جميلة، فقالت عائشة: مالى أراك متعطلة ؟ فقالت ولمن أتزين ؟ فوالله ما قربنى زوجي منذ كذا وكذا، فانه قد ترهب، ولبس المسوح، وزهد في الدنيا، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرته عائشة بذلك، فخرج فنادى الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوام يحرمون على أنفسهم الطيبات انى أنام بالليل، وأنكح وأفطر بالنهار فمن رغب عن سنتي فليس مني، فقام هؤلاء، فقالوا: يا رسول الله قد حلفنا على ذلك

(1) سورة آل عمران: 3 – الاية 39.

(2) سورة النور: 24 – الاية 33.

(3) تفسير البرهان – ذيل الاية 87 من سورة المائدة.

(4) سورة المائدة: 5 – الاية 87.