پایگاه تخصصی فقه هنر

جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص21

لا يتأتى معها القيام بحقوق الزوجية، وحصول التمانع بينها وبين الارشاد يقتضى نقديمه كما في يحيى عليه السلام.

ولعل الاولى في الجواب أن المراد بالحصور ما عن كثير من المفسرين من أنه المبالغ في حبس النفس عن الشهوات والملاهي، من الحصر بمعني الحبس، وحينئذ فمدحه عليه السلام بتنكبه عن الشهوات وإعراضه عن الملاهي واللذات كما هو المعهود من حاله على ما حكاه عنه العسكري عليه السلام (1) قال: ” ما من عبد لله إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة ما خلا يحيى بن زكريا عليه السلام، فلم يذنب ولم يهم بذنب ” عكس المعهودمن حال غيره الذى زين له حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة وغيرها من الملاذ الشهوات، فلا دلالة في الاية على رجحان ترك التزويج، ضرورة أن حصوريته بالمعنى المزبور لا تنافي تزويجه للنسل وغيره، لا للشهوة واللذة ونحوهما.

ولعله إلى هذا وما يقرب منه يرجع ما أجيب عنه أيضا بأن مدحه عليه السلام ليس على ترك التزويج حتى يدل على مرجوحيته، بل على انكسار الشهوة الطبيعية له بغلبة الخوف واستيلاء الخشية وقهرها بالعبادات والرياضات، ولا ريب في حسن ذلك ومدحه وإن أدى الى ترك التزويج المطلوب، فان تأدية الشئ الى ترك أمر مطلوب لا ينافي حسنه، لتمانع اكثر الطاعات مع اتصاف جميعها بالحسن، وانما أطلق عليه الحصور لان وجود الشهوة فيه بمنزلة العدم، فكأنه حصور لا شهوة له أصلا، وليس إطلاقه عليه لترك النساء الملزوم لترك التزويج حتى يكون مدحا له على ذلك فيستلزم مرجوحية التزويج، ولا لسلب الشهوة ونزعها عنه بالكلية حتى ينافي وروده مورد المدح والثناء، ووقوعه نعتا لمن لا يليق به النقص.

وعلى كل حال فلا دلالة في الاية على رجحان ترك التزويج لمن تتق نفسه إليه.

بل مما ذكرنا يستفاد الجواب عن الثاني، ضرورة كون الذم المستفاد من آية التزيين لمن لم يبالوا بالدين وحدوده، واتبعوا ما تهواه أنفسهم من حب

(1) البحار – ج 14 – ص 186 – الطبع الحديث.