پایگاه تخصصی فقه هنر

جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج29-ص20

تعالى (1):( زين للناس حب الشهوات( الى آخره وارد مورد الذم، خرج منه ما أجمع على رجحانه، فيبقى غيره تحت العموم، وبأن في النكاح تعريضا لتحمل حقوق الزوجة والاشتغال عن كثير من المقاصد الدينية، فالاولى تركه إلا مع خشية العنت، فيستحبلمكان الحاجة.

ويمكن الجواب

)

عن الاول (

بأن المدح بذلك في شرع غيرنا لا يلزم منه وجوده في شرعنا

)

ودعوي أن الاصل بقاء الشرائع السابقة إلا ما دل الدليل على نسخه – فان شرعنا ليس ناسخا لجميع ما في الشرائع السابقة بل المجموع من حيث هو مجموع، للقطع ببقاء كثير منها كأكل الطيبات، ونكاح الحلال، والعبادات الثابتة في جميع الملل، وأيضا فوروده في كتابنا الذى هو في شرعنا من دون إشارة الى نسخه دليل على بقائه فيه، وإلا لم يحسن مدحه عندنا – يدفعها أن الكتاب العزيز والسنة المتواترة الدالين على استحباب النكاح في شرعنا مطلقا يثبت بهما النسخ، ويخرج بهما عن مقتضى الاصل، والمدح على ترك الشهوة الغير الراجحة في شرعه، لحصر النفس ومنعها عن اللذات حسن في شرعنا وإن كانت راجحة فيه، مع أن التوصيف بالحصور لم يقع خطابا لاهل شرعنا ابتداء حتى يجب حسنه عندهم، وانما خوطب به زكريا عليه السلام في مقام البشارة بالولد، وذلك يقتضى حسنه عنده لا عندنا.

وربما اجيب أيضا بأنه كان مكلفا بارشاد أهل زمانه في بلادهم المقتضى للسياحة ومفارقة الزوجة المنافيتين لرجحان التزويج، فلذلك مدحه على تركه، لالان ترك التزويج من حيث هو كذلك مطلوب ومراد حتى يدل على مرجوحيته، والحاصل أن النزاع في حكم التزويج بالنظر الى تركه المطلق، ولا ينافي استحبابه كذلك رجحان الترك على وجه مخصوص، وما يقال: – إن مثله وارد في شرعنا الذى يستحب فيه التزويج لا تركه – يدفعه منع ورود مثله في شرعنا، ضرورة وجوب رجوع الناس الى من يحتاجون إليه، لا أنه يجب عليه السياحة لتعليمهم، ولو سلم ذلك لوجب القول بترك التزويج لمن هذا شأنه، فان ملازمة التغرب والسياحة مما

(1) سورة آل عمران: 3 – الاية – 14.