جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج28-ص419
وفيه أن ذلك كله كالاجتهاد في مقابلة النص، ضرورة الخروج عن الاصل المزبور بالدليل من النص والاجماع وغيرهما، والحرج والضرر مع فرض عدم إمكان تحملهما يسقط التكليف معهما، كما عن التنقيح التصريح به، وهو غير ما نحنفيه، وإلا لم يكن بهما بأس بعد قيام الدليل، وعدم الصراحة لو سلم لا ينفى أصل الاستدلال، إذ أكثر الفقه مبنى على الظواهر، والمحملان لو سلم إمكان الجميع لهما، إنما يرتكبان بعد قوة المعارض وليست، بل الامر بالعكس كما عرفت.
ومما ذكرنا في الحرج والضرر، يعلم ما في المسالك حيث أنه بعد أن مال إلى قول الفاضل قال: ” ولو حصل للوصي ضرر دينى، أو دنيوى، أو مشقة لا يحتمل مثلها عادة، أو لزم من تحملها ما لا يليق بحاله من شتم ونحوه، قوى جواز الرجوع ” وظاهره أنه كذلك على القولين، إلا أن المتجه بناء على عدم جواز الرجوع الاقتصار في الضرورة على قدرها، لا رد الوصية وفسخها كما ستعرفه في مسألة العجز وغيره من نظائر المسألة، بل في خبر إسماعيل قال (1): ” سألت الرضا (عليه السلام) عن رجل حضره الموت فأوصى إلى ابنه وأخويه شهد الابن وصيته، وغاب الاخوان فلما كان بعد أيام أبيا أن يقبلا الوصية، مخافة أن يثوثب عليهما ابنه، ولم يقدرا أن يعملا بما ينبغى، فضمن لهما ابن عم لهما، وهو مطاع فيهم أن يكفيهما ابنه فدخلا بهذا الشرط فلم يكفهما ابنه، وقد اشترطا عليه ابنه، فقالا نحن براء من الوصية، ونحن في حل من ترك جميع الاشياء والخروج منه، أيستقيم أن يخليا عمافي أيديهما ويخرجا منه، فقال: هو لازم لك، فارفق على أي الوجه كان، فانك مأجور ” ولعل ذلك يحل بابنه إيماء إليه، بناء على أن الخطاب فيه لاحد الوصيين.
ثم إن الظاهر اعتبار اللفظ أو ما يقوم مقامه في إفادة إنشاء الرد، فلا يكفى فيه مجرد عدم الرضا الباطني، نحو ما سمعته في اجازة الفضولي ونحوها مع احتماله، الا أن الاول هو الاقوى، للاصل المقتصر في انقطاعه على المتيقن.
ومنه يعلم صحة الوصية لمن يعلم عدم رضاه بقبولها لو علم، مع اخفائها
(1) الوسائل الباب – 23 – من أبواب احكام الوصايا الحديث – 6.