جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج28-ص367
تتولوهم ” مضافا إلى مفهوم الآية السابقة، وما عساه يشعر به الوصل في تلك النصوص، باعتبار ظهوره في أن أقصى أفراد الجواز اليهودي والنصراني، ولو كان الحربى جايزا لكان أولى بالذكر، ولان الحربى غير قابل للملك، لانه وما معه ملك للمسلم، ولانه لو صحت لوجب تنفيذها وهو مناف لما دل على أخذ المال من الحربى.
لكن قد يناقش بمنع كون الوصية التى هي عطية بعد الموت مقابلة للهبة التي هي عطية حال الحياة مودة وتولية وبرا لان الاغراض الداعية إلى ذلك كثيرة، فإنه يمكن أن يكون مكافاة وتأليفا لهم، وغير ذلك مما لا يندرج سببه في الآيتين اللتين يمكن دعوى كون المنساق منهما المنع من ذلك، من حيث المحادة لله، والقتال للمسلمين، وعدم الرغبة في الدين، لا من غير هذه الحيثية، وإلا لمنعت الهبة لهم، ولغيرهم، كل ذلك مع انه يمكن منع اقتضاء ذلك عدم الفساد للعقد، وان أثم بالمودة التى تترتب عليها الوصية والهبة وليس ذلك من الوصية بالمحرم حتى لو قلنا بحرمةالايصاء عليه والوصل مثلا والوصل المزبور إنما تضمن اليهود والنصراني، وهو أعم من الذمي والحربي، ودعوى انسياق الاول منهما – ولذا يقابل بالحربي – محل منع، فان غالب أهل الحرب سابقا ولاحقا النصارى والمقابلة إنما هي بين الذمي والحربي لا بين النصراني مثلا والحربي، بل لا يبعد دعوى ظهور العبارة في إرادة بيان عدم فرد آخر أشر من ذلك، نحو قوله (1) فيمن ترك الحج ” إن شاء يموت يهوديا أو نصرانيا ” فهو حينئذ دل على التعميم لا على خلافه، مؤيدا ذلك بما دل على صحة وصية المجوسى للفقراء، وأنها تنصرف إلى فقراء نحلته، مع أنه مكلف بالفروع، ودعوى عدم قابلية الحربى للملك واضحة المنع، وإن ورد أنهم ومالهم فئ للمسلمين، بمعنى اباحة ذلك للمسلمين، لا أنهم تجرى أحكام المماليك حقيقة عليهم.
والمراد بتنفيذ الوصية الحكم بكونها للموصى له فلا ينافى ثبوت استحقاق على الموصى له بمقاصة ونحوها، ومنه ما نحن فيه، إذ لا منافاة بين صيرورة المال له بحسب الوصية وبين جواز أخذ المسلم له بعد ذلك.
(1) الوسائل الباب – 7 – من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحديث – 1