جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج28-ص305
فما عن المهذب والمختلف والايضاح – من أنه ليس رجوعا لعدم الصراحة في ارادة ثلثه الراجع إليه، إذ هو ما دام حيا جميع المال في قبضته ومنسوب إليه، ولعله لذا توقف فيه في القواعد، بل ومحكى التحرير، وان نسبه إلى علمائنا – ضعيف، ضرورة كفاية الظهور في الرجوع كالتصريح، لصلاحية كل منهما لقطع الاستصحاب و دعوى عدم الظهور ايضا كما ترى ضعيفة، ومع تسليمها فالامر سهل، ضرورة رجوع النزاع إلى مفهوم عرفى يختلف باختلاف الازمنة والامكنة.
وقد ظهر لك من ذلك أن موضوع المسألة الاولى التي قلنا يبدء بالاول فالاول فيها، تعدد الوصايا مع عدم التضاد بينها، وإن امتنع العمل بها جميعها، لقصورالثلث أو المال، بخلاف الثانية التي قلنا ان الثانية تكون رجوعا عن الاولى، فإن موضوعها المتضادان اللذان لا يمكن جمعهما في الخارج في حد ذاتهما، لا للقصور كما هو واضح.
من غير فرق بين كون الوصية بمقدار أو عين أو كسر، فإن المدار على ما ذكرنا من الحكم بالرجوع مع التضاد صريحا أو ظاهرا وعدمه مع عدمه.
ولعل هذا اولى مما في السرائر من تنقيح ذلك فإنه بعد أن ذكر أن للموصى الرجوع في وصيته ما دام حيا عاقلا قال متصلا بذلك – ” وإذا أوصى الانسان بثلث ماله لشخص ثم بعد ذلك أوصى بثلث ماله لغير ذلك الشخص كان الثلث لمن أوصى له اخيرا، وكانت الوصية الاخيرة ناسخة للاولى ورافعة لحكمها، لان الانسان لا يستحق من ماله بعد وفاته الا ثلث ماله، فإذا أوصى به لانسان ثم اوصى به بعد ذلك لانسان آخر فقد نقل الثلث الذي يستحقه من الاول إلى الثاني، لانه يعلم أنه لا يستحق الا الثلث، فإذا أوصى به بعده فقد رجع عن الوصية الاولى، وللانسان أن يرجع عن وصيته ويبدلها ويغير أحكامها ما دام حيا ثابت العقل فليلحظ ذلك، فهذا قول اصحابنا، وما يوجد في الكتب أنه إذا اوصى للانسان بوصية ثم أوصى باخرى فإن أمكن العملبهما جميعا وجب العمل بهما، وإلا كان العمل على الاخيرة، دون الاولى، وأما إذا أوصى بشئ ولم يذكر الثلث، ثم أوصى بشئ آخر ولم يذكر الثلث، فإن مذهب أصحابنا