جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج28-ص302
قصد الموصى على خلافه للصحيح المزبور المحتمل لكون الوصايا غير مرتبة، وان المراد منه الترجيح بذلك، بل لعل ظاهر التقسيط فيه الذي هو حكم غير المرتب يقتضى عدم الترتيب فيه في غاية الصعوبة، ضرورة اقتضائه هدم قاعدة ” تبعية الاعمال للنيات ” و ” العقود للقصود ” وغيرها من القواعد المحكمة في سائر المقامات.
وعلى كل حال يخرج غير الواجب من الثلث (ويبدء بالاول فالاول و) كذا (لو كان الكل غير واجب، بدء بالاول فالاول حتى يستوفى الثلث) وتبطل المتأخرة مع فرض عدم إجازة، لان الوصية الصادرة أولا نافذة لوقوعها من أهلها في محلها وهكذا ما بعدها إلى أن تبقى المتأخرة بلا موضوع تتعلق به، فتختص بالبطلان.
ولخبر حمران (1) عن أبى جعفر (عليه السلام) ” في رجل أوصى عند موته وقال: اعتقوا فلانا و فلانا حتى ذكر خمسة، فنظرت في ثلثه فلم يبلغ أثمان قيمة المماليك الخمسة الذين أمر بعتقهم، قال: ينظر الذين سماهم وبدء بعتقهم فيقومون، وينظر إلى ثلثه فيعتق منه أول شئ ذكر ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع ثم الخامس، وان عجز الثلث كان ذلك في الذي سمى أخيرا، لانه أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا يملك فلا يجوز له ذلك “.
معتضدا ومنجبرا بعدم الخلاف المعتد به بين الاصحاب فيه كما أن اشتماله على التعليل يدفع احتمال اختصاصه بما فيه، بل منه يعلم عدم الفرق بين الوصية العهدية والتمليكية، ضرورة كون الموضوع فيه الاولى، ولعله كذلك سيما بناء على ما تقدم منا سابقا من عدم كون الوصية من العقود، وإن اعتبر رضا الموصى له في حصول الملك، لان كلا منهما سبب في حصول أثر الايصاء فكل متقدم يترتب عليه أثره فيختص البطلان بالاخير الذي لم يصادف موضوعا، كما صرح به في الصحيح المزبور، ومنه يعلم كون المدار على ذلك من غير مدخلية لقصد الموصى، بل قد يعلم خلوه عن قصد الترتيب.
نعم لو صرح بعدم ارادة الترتيب اتبع، وإن رتب في اللفظ بادائه من الفاء و ثم ونحوهما.
وبما ذكرنا ظهر وجه الفرق بين الوصية وإن كانت عهدية وبين أمر السيد عبده
(1) الوسائل الباب – 66 – من أبواب أحكام الوصايا الحديث – 1.