جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج28-ص255
وإن كان منع ذلك كله واضحا، لمعلومية تحقق الانشاء بصدور الايجاب، والتعليق إنما هو لحصول الاثر لا للانشاء المقتضى لذلك، والاوامر المعلقة يتحقق معنى الامر فيها، بصدورها، ولذا يتحقق وصف المطيع والعاصي بالعزم على امتثالها وعدمه، قبل حصول المعلق عليه، بل لعل التأمل يشرف الفقيه على القطع بعدم إرادة تعليق معنى الامرية فيها، على معنى أن يكون مأمورا عند حصول المعلق عليه، مع أنه لم يتجدد أمر غير ذلك، فيرجع إلى صيرورته مأمورا بلا أمر، وهو معلوم الفساد.
ومن هنا اتجه صحة القبول قبل حصول المعلق عليه، لتحقق المعنى الانشائى القابل للقبول، ولا يستلزم ذلك قبول الرد لعدم الدليل على بطلان حكم الانشاء بقوله لم أقبله مثلا في مثل المقام، بل وفى غيره حتى العقود اللازمة، إذا كان قد وقع على وجه لم يقدح باتصال قبولها به، أللهم إلا أن يكون اجماعا، فيقتصر عليه كالاقتصار هنا له أيضا على تأثيره بعد الموت دون الحياة.
ومن ذلك بان الوجه في عدم اعتباره على التقديرين، لكن ومع ذلك فالانصاف يقتضى عدم الفرق بينه وبين القبول بالنسبة إلى تحقق المعنى المقابل، لتعلقهما به، ولعل شهرة الاصحاب هنا غير معتد بها، بعد أن علم أن المدرك فيها عدم حصولما يقبل الرد لتعليق الاثر على الموت الذي قد فرض عدم تحققه، فيكون كالطلاق قبل النكاح الذي صححه أبو حنيفة، لما عرفت من بطلانه بتحقق المعنى القابل للقبول و الرد هنا، ويمكن أن لا يكون مدركهم ذلك، وإن ذكره بعض المتأخرين لهم، ولذا، كان خيرة المصنف جواز القبول حال الحياة، وعدم الحكم للرد فيها، ولعله لما أشرنا إليه من عدم دليل يصلح لقطع استصحاب صحة الايجاب بذلك، لا لما ذكروه بقى شئ في المقام، وهو أنه ربما استفيد من اطلاق المصنف وغيره عدم الفرق في ذلك بين سبقه بالقبول وعدمه، ولكن يشكل ذلك بما ظاهرهم الاجماع عليه من كون الوصية عقدا جائزا من الطرفين، ومقتضاه تسلط الموصى له على فسخه حينئذ، ولا ريب في اقتضائه بطلان العقد، إذ هو معنى الفسخ، كما أن معنى الرد والفسخ