جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج28-ص31
وصلة الارحام، وربما كان فيه تأليف لقلوبهم وميلهم إلى الاسلام، ولان ” كل كبد حراء أجر (1) ” والنهى عن الموادة من حيث كونه محادا ومحاربا، وإلا لحرم محادثتهم والتعارف معهم ونحوه، وتحريم تغييره من حيث كونه وقفا، لا ينافي جوازه من حيث كونه مال حربي، لا أقل من أن يكون التعارض من وجه، ولا ريب في رحجان الاخير، ومع الاغضاء عن ذلككله، فالنهى عن الموادة لا يقتضى الفساد إذا كانت في عقد من العقود بل أقصاها الاثم.
ولكن فيه – بعد امكان ارادة خصوص الذمي الذي ستعرف الحال فيه من الاطلاق كما عن الشهيد وجماعة، وأن يراد من معقد الاجماع المزبور ما لا يشمل الوقف عليهم، الذى هو أولى بالمنع من الوصية التي أطبقوا على ما قيل إلا من شذ على عدم جوازها بل ظاهر المبسوط الاجماع على ذلك – أن ضرورة الشريعة تقتضي الحث على قطع رحم الكفر، وعلى الاساءة لهم بكل ما يمكن، لانهم شر دواب الارض المؤذية وأن الفساد على تقدير اعتبار القربة فيه واضح، لمعلومية عدم كون العبادة محرمة، بل وعلى العدم أيضا للنهى عن نفس العقد الذي هو فرد المقتضى للبر والموادة كالنهي عن فرد الاعانة على الاثم، وليس هو لامر خارجي كالبيع وقت النداء، والظاهر أن ذلك مبنى الفساد عندهم، لا ما في الرياض من عدم صلاحية الحربي للملك الذي هو مقتضى الوقف، ولا أقل من أن يكون محل شك، والاصل الفساد، إذ هو كما ترى مناف للضرورة وما سمعته من اباحة ماله لا يقتضى ذلك، بل هو ظاهر في خلافه كظهور أدلة التمليك في ذلك أيضا، بل هو كالضروري من مذهبنا.
نعم قد يتوقف بناء على الصحة في تملك المسلم منه بالاغتنام ونحوه، لكونه وقفالمسلم جامعا للشرايط، أللهم إلا أن يرجح ما دل على أن ماله فئ للمسلمين على ذلك بعد فرض تناول ذلك لمثل هذا المال له، كما أومأنا إليه سابقا، وهو أمر آخر غير ما نحن فيه، فتأمل جيدا والله العالم.
(و) أما القول بجواز أن (يقف) المسلم (على الذمي ولو كان أجنبيا) فهو محكي عن التذكرة والتبصرة، وموضع من التحرير والدروس وايضاح النافع، بل لعله
(1) الوسائل الباب – 39 – من أبواب الصدقة الحديث – 5.