جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج27-ص424
التذكرة الاعتراف به، إلا أنك قد عرفت سابقا في الوديعة أنه ليس في شئ من النصوص تعليق الحكم وجودا وعدما على العذر كي يكون المدار عليه، ويتجه القول بأنه عذر عقلي وشرعي وعرفي وان من الاخير التشاغل باتمام الحمام، والطعام، والنافلة، وانتظار انقطاع المطر ونحو ذلك أولا حتى اضطرب كلام بعضهم فيها، فحكم هنا به بأنها أعذار دون الوديعة التي تناسب السهولة فيها.
بل هي أولى بعد مثل ذلك فيها عذرا باعتبار اختصاص المصلحة فيها للمالك، بخلاف الوكيل الذي يمكن ان يكون له جعل، وظاهرهم المفروغية من عذرية الواجب الشرعي وإن استلزم ذلك طول التأخير، كالحج الواجب، والاعتكاف المنذور ونحوها، إلا أنه لا يخفى عليك ما في الجميع بعد ما عرفت من خلو الادلة عن العنوان المزبور.
فالمتجه حينئذ المحافظة على صدق الفورية العرفية في الاداء التي لا ينافيهاإتمام بعض الاعمال، ولاعدم الاسراع في المشي مثلا، وعلى الترجيح عند التعارض مع الواجبات المنافية لذلك، كما أوضحنا ذلك في كتاب الوديعة.
بل إن لم يكن ثم اجماع اتجه القول بالضمان مع التأخير المنافي للفور عرفا، لعذر شرعي لاصالة الضمان في مال المسلم المحترم كدمه، أو لقاعدة على اليد التي لا ينافيها عدم الاثم في الامتناع، وإن انفسخت الوكالة والوديعة.
وليس في الادلة ما يقتضي عدم الضمان في كل ما أذن شرعا ببقائه في يده على وجه يشمل القرض، وقد أشرنا سابقا إلى احتمال الضمان مع تصديق الوكيل، وإن جاز له التأخير لعدم البينة كما أنه محتمل أيضا في التأخير لارادة الاشهاد فتأمل جيدا فانه يمكن القول بأن المفروض من الامانة الشرعية التى لا تندرج في العموم المزبور، باعتبار عدم صدق الاخذ على الاستدامة، نحو وقوع الثوب في اليد بإطارة الريح ونحوه فيبقى أصل البراءة سالما كما أشرنا إليه سابقا في نظائر المقام، بعد منع أصالة الضمان الذي حصروا أسبابه في أسباب مخصوصة والله العالم.