جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج27-ص350
سلم فقد يحمل على من وكل على أفعال متعددة، ففعل الاول منها بالاذن فيه قاصدا به انشاء قبول الوكالة فيكون صحته مستندة إلى الاذن لا الوكالة، وما بعده من الافعال إلى الوكالة.
ومن الغريب ما في المسالك من تأييد قوله بحكم الاصحاب بانعزال الوكيل بعزله نفسه الذي لا اشكال في ابتنائه على العقدية، وإلا فالاذن المجردة عنه لا ينعزل المأذون بها بعزله نفسه، بل لو أراد العود إلى فعله جاز له الفعل نحو إباحة الطعام مع جهل الاذن، بل ومع علمه الذي لا ينافي بقاؤها في ثانى حال المأذون.
إذ هو كما ترى، ضرورة أن الاصحاب لم يذكر وإلا انعزال الوكيل بعزله نفسه، والوكالة غير منحصرة في هذا الفرد الذي اكتفي العلامة في القبول، لما عرفت وتأييده حينئذ بتصريح المصنف وغيره من الاصحاب بكونه وكالة أولى من تأييده بالحكم المزبور الذي له مورد غير هذا على وجه لا ينافي الوكالة فيه، واجراء حكم الاذنعليه كما هو واضح بأدنى تأمل.
وقد تلخص بما ذكرناه في المقام وفي الوديعة والعارية أن الوكالة من العقود بالمعني الاعم الشامل للمعاطات التى يقصد فيها ما يقصد بالعقد ولم تفقد سوى صيغته بناء على شرعيتها فيها وكالة، فإن السيرة فيها أقوى من السيرة فيها في البيع ونحوه من العقود اللازمة وحينئذ فما كان منها على كيفية غيرها من العقود من ألفاظ ايجاب وألفاظ قبول كانت وكالة عقدية، وإلا كانت وكالة معاطاتية.
نعم فيما كان ايجاب لفظي وقبول فعلي منها البحث السابق في أنه من العقد أو المعاطاة، وقد ذكرنا سابقا أنه إن قام إجماع على أنه من العقد وإلا فهو معاطاة الاذن ضرورة معلومية كون العقد اسما للالفاظ من غير فرق بين الجائز واللازم.
نعم ربما فرقوا بينهما باعتبار الصيغ المخصوصة في الاول دون الثاني، وقد تقدم لنا المناقشة في ذلك غير مرة إن لم يكن اجماعا، وقلنا يكفي فيهما كل عبارة صالحة لانشاء الدلالة على ذلك، إذا كانت جارية مجرى الخطاب الصحيح.