جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج27-ص105
بالنسبة إلى المال واجب مشروط، للاصل، ولو سلم فالمتجه وجوب بذل مالا يضر بحاله من المال، كغيره من تكاليفه المطلقة، ولا يرجع به على المالك، لان دفعه حينئذ مقدمة لامتثال تكليفه، نحو غيره من الافعال التي يفعلها مقدمة للحفظ، ولا يرجع بأجرة المثل في شئ منها.
نعم لو فرض الضرر الكثير لم يجب عليه، لسقوط باب المقدمة حينئذ لقاعدة نفي الضرر، مع إمكان القول حينئذ باندفاعها، بالدفع بنية الرجوع مع عدم التمكن من استيذان المالك، لكونه وليا حينئذ بالنسبة إلى ذلك، وهل التمكن من الحاكم يقوم مقام التمكن منه، وجهان أحوطهما الاول.
وكيف كان فلا خلاف
و
لا اشكال في انه
لا يجب تحمل الضرر الكثير بالدفع، كالجرح وأخذ المال
الجزيل الذي لا يرجع به على المالك، وغيرهما مما يختلف باختلاف الاشخاص شرفا وضعة وغيرهما، إلا أن ما عساه يظهر من المصنف من كون مطلق اخذ المال وإن قل ضررا كثيرا واضح المنع، وإلا لسقط في غير هذه المقدمة، وهو معلوم العدم.
نعم قد عرفت سابقا إمكان القول بأنه لم يثبت وجوب الحفظ على الاطلاق، بحيث يشمل بذل المال، والامر باداء الامانة الذي هو بمعنى عدم خيانتها لا يقتضي ذلك، أللهم إلا أن يكون مستنده الاجماع الذى قد عرفته سابقا ولكن يتجه حينئذ تقييد المال بكونه مضرا بالحال، بل لو قلنا باندفاع ضرره بالرجوع على المالك وجب حينئذ دفع الكثير منه هذا.
وفى المسالك: ” ثم إن كان المطلوب الذي لا يندفع عنها بدونه بقدرها لم يجب بذله قطعا لا نتفاء الفائدة، لكن لو بذله بنية الرجوع به هل يرجع ؟ يحتمله، لان الوديعة لولاه ذاهبة فيكون بذله قدرها كبذلها، وعدمه، لان القدر المأذون فيه شرعا ما يترتب عليه مصلحة المالك وهو هيهنا منتف، فلا يكون شرعيا، وعلى هذا فيمكنعدم الرجوع بجميعه لما ذكر، وبجزء منه ليقصر عنها وتترتب الفائدة، إذ الفرض عدم امكان ما قصر عنه، ويبعد كونه يرجع بمقدار ما ينقص عن قدرها بدرهم مثلا.