جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج27-ص52
إلى ما فيه من إمكان المناقشة في جملة مما ذكره، وإلى ما في صحيح يعقوب بن شعيب (1) من تضمن الايجاب بلفظ ” اسق ” لكن قال: إنه أمر من السقي، دون المساقاة، والمراد منه المعنى اللغوى دون العرفي، وفيه ما عرفت من أنه لا وجه لانشائية الايجاب بلفظ الامر مرادا منه المعنى اللغوى، بل لابد من ملاحظة المعنى الشرعي فيه، كما تقدم نظيره في المضاربة، وإذا جاز العقد بلفظ الامر في ذلك الزمان، جاز بلفظ ” ساقيتك ” بطريق أولى، بل هو مقتض لوضع مبدأ الاشتقاق بالمعنى المتشرعي، إذ لا وجه لارادة معنى من المشتق دون المشتق منه.
ومن ذلك وغيره يظهر عدم انحصار فائدة البحث عن معنى المساقاة في كلام الاصحاب ومعاقد إجماعاتهم ونحو ذلك، دون استنباط أحكام المساقاة من الخطاباتالشرعية كما ذكره الفاضل المزبور، هذا.
وربما ظهر من كلام بعض أن المزارعة تطلق في الاخبار على ما يشمل المساقاة، فيمكن استفادة أحكام المساقاة منها، وفيه: منع كونه حقيقة، إذ غايته ثبوت الاستعمال الذى هو أعم، خصوصا بعد أن كان المفهوم عرفا من المزارعة المعاملة على الارض بحصة من حاصلها، وقد صرح أهل اللغة بأن ذلك هو معنى المزارعة، وإن أريد الاطلاق ولو على سبيل المجاز فهو مسلم، لكن يتبع وجود القرينة الصارفة عن إرادة الخصوصية، ودعوى ثبوتها في جميع موارد استعمال المزارعة في الروايات غير مسلم، بل مقطوع بفساده.
نعم قد ذكر بعض الفقهاء أن المخابرة المتكررة في الاخبار من المعاملة مع أهل خيبر قال ابن الاعرابي أهل المخابرة من خيبر، لان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان أقرها في أيدي أهلها على النصف فقيل خابرهم أي عاملهم في خيبر، وهي بهذا المعنى تعم المساقاة قطعا، لكن فيه إن تفسير المخابرة بذلك ليس بثابت أيضا، فإن أبا عبيدة نص على أن المخابرة من الخبير وهو الاكار، وفي الصحاح الخبير
(1) الوسائل الباب 9 من ابواب احكام المزارعة الحديث 2.