جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج26-ص336
(كتاب المضاربة) من الضرب في الارض، لضرب العامل فيها للتجارة، وابتغاء الربح بطلب صاحب المال، فكان الضرب مسبب عنهما، طردا لباب المفاعلة في طرفي الفاعل، أو من ضرب كل منهما في الربح بسهم، أو لما فيه من ضرب المال وتقليبه، كذا قيل ولعل الاولى من ذلك في تحقق المفاعلة ضرب كل منهما فيما هو للاخر من المال والعمل، ويقال: للعامل مضارب، بكسر الراء، لانه الذي يضرب في الارض.
ولم نعثر على اشتقاق أهل اللغة إسما لرب المال من المضاربة التي هي لغة أهلالعراق، فاما أهل الحجاز فيسمونه قراضا، من القرض بمعنى القطع الذي منه المقراض، فكان صاحب المال اقتطع من ماله قطعة، وسلمها للعامل الذي اقطع له قطعة من الربح، أو من المقارضة بمعنى المساواة والموازنة، يقال: ” تقارض الشاعران ” إذا وازن كحل منهما الاخر بشعره، ومنه ” قارض الناس، ما قارضوك، فان تركتهم لم يتركوك ” بمعنى ساوهم فيما يقولون، ولما كان العمل من العامل والمال من المالك فقد تساويا وتوازنا، أو لاشتراكهما في الربح وتساويهما في اصل استحقاقه، وإن اختلفا في كميته، ويقال للعامل هنا: مقارض بالفتح، وللمالك بالكسر، والامر في ذلك كله سهل، لعدم الثمرة المعتد بها على ذلك.
إنما الكلام فيما ذكره في المسالك، تبعا للتذكرة، قال: ” واعلم ان من دفع إلى غيره مالا ليتجر به فلا يخلو إما أن يشترطا كون الربح بينهما أو لاحدهما أو لا يشترطا شيئا: فإن شرطاه بينهما فهو قراض، وان شرطاه للعامل، فهو قرض، وإن شرطاه للمالك فهو بضاعة، وان لم يشترطا شيئا فكذلك إلا أن للعامل أجرة المثل “.