جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج26-ص126
وأما الثاني فليس دالا إلا على جواز الاخذ من الوديعة إذا لم يكن له مال، وكان قد تعهد له شخص بوفاء ذلك عنه، ولا ريب أنه خارج عما نحن فيه، ومحمول على إذن المودع بذلك.
فمن الغريب وسوسة بعض متأخرى المتأخرين في الحكم المزبور لذلك، مما هو غير صالح لمعارضة بعض ما عرفت، خصوصا بعد كون المسألة من قطعيات الفقه وضرورياته، بل لعل الوسوسة فيها جهل بمذاق الفن ومذاق الشرع، بل قد عرفت أنه لا بد من رضى المضمون له بعنوان القبول الذي يتم به العقد، لما عرفت من المفروغية عن كون الضمان عقدا محتاجا إلى الايجاب والقبول، بل لا بد فيهما من جميع ما هو معتبر في العقود اللازمة من الاتصال والعربية وغيرهما.
نعم يقوى عندنا فيه وفى غيره من العقود اللازمة عدم اعتبار لفظ مخصوص ولا هيئة مخصوصة، بل كلما أفاد انشاء ذلك ولو بالجملة الاسمية، أو بالمجاز أو نحو ذلك، كما أوضحناه في البيع وغيره.
ومنه يعلم حينئذ تحقق عقد الضمان بنحو ” على دين زيد ” أو عندي أو نحوهما مما يقصد به انشاء التعهد بذلك، وقرنه القبول من المضمون له، فما عن الايضاحوالمقدس الاردبيلي من اعتبار الرضا دون القبول العقدى، لانه التزام أو إعانة للمضمون عنه، وتوثيق للمضمون له، وليس هو على قواعد المعاملات واضح الضعف كقول العلامة في القواعد ” وفى اشتراط قبوله اختمال ” إذ الجميع كما ترى، ضرورة عدم منافاة التوثيق (و) نحوه للعقدية، إذ هو حينئذ كالرهن، بل أولى لما فيه من انتقال المال من ذمة إلى ذمة أخرى، على أن الاصل عدم ترتب شئ عليه، إذا لم يكن بصورة العقد.
نعم (لا عبرة برضا المضمون عنه) بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه (لان الضمان كالقضاء) للدين المعلوم عدم اعتبار الرضا فيه، ولاطلاق الادلة وعمومها، ولما سمعته من واقعة ضمان أمير المؤمنين عليه السلام (و) غيره عن الميت، بل (لو أنكر) وأبى (بعد الضمان لم يبطل، على الاصح) للاصل وغيره من الادلة