جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج26-ص110
كان قد بلغوا وقد آنستم منهم رشدا بالاختبار السابق فادفعوا إليهم أموالهم، ومعلومية عدم انتهاء الابتلاء بالبلوغ لا يقضى بكونه بعده، بل المراد أن هذا محله الذى يتعقبه تسليم المال بعد البلوغ بلا فصل إذا فرض حصول الرشد منه، وصدق اليتيم على قريب العهد مجاز لا داعى إليه، بل قد عرفت وجود الداعي إلى خلافه، ومن اتفاق الاصحاب ظاهرا كما أنك عرفت تمام الكلام في الاية في البحث عن علامات البلوغ فلاحظ.
مضافا إلى ما في تأخير الاختبار بعد البلوغ إلى حصول الضرر بالحجر على مال البالغ، خصوصا إذا طال الزمان، ولا ملازمة بين ابتلائه قبل بلوغه، وبين صحة معاملاته المعلوم اشتراطها بالبلوغ، إذ الاختبار أعم من ذلك قطعا لاحتمال حصوله بالمساومة والمماكسة خاصة، وبالتواطي من الولي والبايع فيما هو مال الطفل، ونحو ذلك بل يحصل الابتلاء بغير العقود، والقول بشرعية افعال الصبي لا مدخلية له في الصحة،إذ ذاك في العبادات، وإذن الولي مع أنه غير محقق لما عرفت من أعمية الاختبار من العقد لا تجدى في غير البالغ، سواء كانت سابقة أو لاحقة كما هو واضح.
وعلى كل حال فمما سمعت يعلم أن ما عن المبسوط والجماعة من ذكر كيفية الابتلاء لا يريدون به الخصوصية قطعا، قال في الاول: الايتام على قسمين ذكور واناث، فالذكور على ضربين ضرب يبذلون في الاسواق ويخالطون الناس بالبيع والشراء وضرب يصانون عن الاسواق فالذين يخالطون الناس فإنه يعرف اختبارهم بأن يأمره الولى أن يذهب إلى السوق ويساوم في السلع ويقاول فيها ولا يعقد العقد، فإن رآه يحسن ذلك ولا يغبن فيه علم أنه رشيد، وإلا لم يفك عنه الحجر، وقيل: أنه يشترى له بغير أمره ويواطى البايع على بيعها من اليتيم وينقذه الولى ليشتريها منه، وقيل: إنه يدفع إليه شئ من المال يشترى به سلعة، ويصح شراؤه للضروره فيجيز.
وإن كان اليتيم ممن يصان عن الاسواق مثل أولاد الرؤساء فان اختبارهم أصعب فيدفع الولي إليهم نفقه شهر يختبرهم فينظر، فإن دفعوا إلى اكرتهم وغلمانهم وعمالهم ومعامليهم حقوقهم من غير تبذير، واقسطوا في النفقة على أنفسهم في مطاعمهم