جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج26-ص18
يمنع الشرطية على وجه ينافي الاستدلال بالعمومات في المجهول، وفيه بحث ذكرناه في غير المقام.
والامر سهل بعد الغنية عن ذلك بما سمعته اولا، ومضافا إلى ظاهر الكتاب كقوله تعالى (1) ” وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ” ضرورة دلالته بمفهومه على انتفاء الحكم بالدفع المشروط بإيناس الرشد بانتفاء بلوغ النكاح، فهو متناول لاسنان التمييز وحدود الابتلاء التى هي فيالغالب من العشر إلى الخمسة عشرن وأحقها بالدخول سن الاحتلام، وتوقع بلوغ النكاح وهي من الثانيه عشر إلى السادسة عشر،، إلا أن الاجماع على خروجها، فيتعين كون الخمسة عشر هي البلوغ بحسب السن.
وربما نوقش: بأن ” إذا ” قد تخر عن الظرفية فلا تكون شرطا، ومنه المقام فإن المراد وابتلوا اليتامى إلى وقت بلوغ النكاح، وحينئذ فلا دلالة فيها على الاشتراط المزبور، ويدفعه: بعد تسلم خروجها عن الظرفية أنه نادر جدا لا يحمل عليه التنزيل بل يقتضى انقطاع الابتلاء بالبلوغ، وليس كذلك كما ستعرف، لاستمراره إلى ظهور الرشد أو اليأس منه، بل ذلك مع ظهور كون المراد ايناس الرشد المسبب عن الابتلاء المأمور به السابق على البلوغ.
ومقتضى ذلك الحجر على البالغ الرشيد إذا لم يونس منه رشد قبل البلوغ، وارتفاعه عمن لم يبلغ إذا أونس منه الرشد، لانتفاء الشرط في الاول ووجوده في الثاني، إذ المراد بالامر بالابتلاء إلى بلوغ النكاح حصوله قبله، لا استمراره إليه، لان الابتلاء متى وجد وتبين به الحال لم يتكرر، فالمرة تكفى في هذا الامر، ولو بنى الكلام في الشرط على خلاف الظاهر، فاما أن يراد به إيناس الرشد مطلقا، أو إيناسهبعد البلوغ، ويلزم على الاول جواز دفع المال إلى غير البالغ إذا ابتلى وأونس منه الرشد، وإهماله بدونه إلى أن يظهر الرشد بنفسه وإن طال الزمان وسهل الاختبار وأما الثاني فمع حصول المطلوب يلزمه جواز الاهمال، كما في الاول.
(1) سورة النساء الاية – 6