جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج25-ص303
(أما لو عاب بشئ من قبل الله سبحانه) وتعالى (أو جناية من المالك كان مخيرا بين أخذه بالثمن) مجانا (و) بين (تركه) والضرب مع الغرماء بالثمن، فإن المعلوم من قاعدة فسخ المعاوضة ايجاب رجوع كل مال إلى صاحبه عينا أو بدلا، وكون العين في يد المشترى غير مضمونة للبايع، معارض بماله قسط من الثمن، مع أنا لا نقول أنها مضمونة مطلقا، بل بمعنى أن الفائت في يد المشترى يكون من ماله، لان ذلك هو مقتضى عقود المعاوضات المضمونة، فإذا ارتفع رجع كل من العوضين إلى مالكه أو بدله، وأما كون اليد لا قسط لها من الثمن، فإن أرادوا أن الثمن لم يبذل في مقابلتها منه شئ ففساده ظاهر، إذ لولاها لم يبذل جميعه قطعا، وإن أرادوا أن الثمن لا يتقسط عليها وعلى باقى الاجزاء على نسبة الكثرة والقلة، كالعشر في متساوي الاجزاء فهو لا يدل على مطلوبهم.
كل ذلك مع منافاة تعليلهم لما حكموا به من الارش في جناية الأجنبي، وإن كان قد أخذه المشترى، ضرورة أنه أخذه والعين ملك له، ولم تكن مضمونه عليهللبايع، وكون الارش جزءا من المبيع وقد أخذه المشترى – فلا يضيع على البايع بخلاف التعيب بالافة السماوية التي لم يكن لها عوض – لا يجدى بعد عدم كون العين مضمونة، ومن هنا كان خيرة المحقق الثاني الرجوع بالارش مطلقا، بعد أن حكاه عن ابن الجنيد، وأن المصنف في المختلف قواه، واستحسنه الشهيد الثاني، وقد عرفت أن كلام ابن الجنيد أجنبي عن ذلك، وأن ظاهره عدم الفسخ مطلقا، وانما يأخذ الموجود بالقيمة، وفاء عن دينه، فإن بقي له من الثمن شئ ضرب مع الغرماء.
وأما ما سمعته من الاصحاب فقد يقال: إن الموافق للضوابط عدم استحقاق الارش أصلا، إذ هو كنماء الملك يستحقه المشتري، والشارع إنما جعل له الفسخ في الموجود من ماله، ففسخ العقد يوجب رجوع هذا المال إليه، لانه الموجود دون غيره، والفرض أن التالف ليس مما يمكن بناء العقد بالنسبة إليه، حتى يستحق ما يقابله من الثمن، بل قد عرفت أن صفة الصحة والعيب ليست هي إلا كصفة الكتابة والعلم ونحوهما مما لا تقابل بأجزاء الثمن، وإن زاد بسببها، فان زيادته بها أعم من مقابلته