جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج25-ص277
(كتاب المفلس)
(المفلس) بالكسر لغة (هو الفقير الذى ذهب خيار ماله وبقي فلوسه) ونحوه ما في القواعد من أنه من ذهب جيد ماله، وبقي رديه، فصار ماله فلوسا و زيوفا، ولعل العرف الآن على كون المفلس بالكسر أعم من الذاهب خيار ماله، بل هو شامل لمن لم يكن له مال من أول أمره إلا الفلوس.
نعم قد يقال إن المفلس بالفتح عرفا ذلك، على أنه لا يخلو من بحث، وعن المبسوط أن المفلس لغة هو الفقير المعسر وهو مشتق من الفلوس، وكان معناه نفى خيار ماله وجيده، وبقي معه الفلوس، وعن التحرير أنه مأخوذ من الفلوس التي هي آخر مال الرجل.
وعن التذكرة الافلاس مأخوذ من الفلوس، وقولهم أفلس الرجل كقولهم أخبثأي صار أصحابه خبثاء، لان ماله صار فلوسا وزيوفا، ولم يبق له مال خطير، و كقولهم أذل الرجل: أي صار إلى حالة يذل فيها، وكذا أفلس أي صار إلى حالة يقال فيها ليس معه فلس، أو يقال لم يبق معه إلا الفلوس، أو كقولهم أسهل الرجل وأحزن، إذا وصل إلى السهل والحزن، لانه إنتهى أمره إلى الفلوس.
والاصل أن المفلس في عرف اللغة هو الذي لا مال له، ولا ما يدفع به حاجته، ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وآله: (1) (أتدرون ما المفلس ؟ قالوا: يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال: ليس ذلك المفلس، ولكن المفلس من يأتي يوم القيامة حسناته أمثال الجبال، ويأتى وقد ظلم هذا، وأخذ من عرض هذا، فيأخذ هذا من
(1) صحيح مسلم ج 4 كتاب البر والصلة الحديث 59 طبع دار احياء التراث العربي بيروت، مسند احمد بن حنبل ج 2 ص 303 طبع دار صادر بيروت.