جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج25-ص18
وعلى كل حال فما عن أبى حنيفة من عدم جواز قرض الخبز، واضح الضعفكضعف ما عن أبي يوسف من وجوب الرد وزنا لا عددا وأحد قولي الشافعي من وجوب رد القيمة إلا إذا شرط المثل في وجه.
(و) على كل حال ف (كل) مثلي وهو عند المصنف وجماعة (ما تتساوى أجزاؤه) في القيمة والمنفعة وتتقارب صفاته، بمعنى أن قيمة نصفه تساوى قيمة النصف الآخر ويقوم مقامها في المنفعة وتقاربها في الوصف، وهكذا كل جزء بالنسبة إلى نظيره لا مطلقا (يجوز قرضه) بلا خلاف بل النصوص والاجماع بقسميه عليه (و) على أنه (يثبت في الذمة مثله) وذلك (كالحنطة والشعير والذهب والفضة) ونحوها.
نعم هو كذلك مع وجوده، ومع التعذر ينتقل إلى القيمة، وفي اعتبار يوم القرض أو التعذر، أو المطالبة، أو الدفع، أوجه، أقواها الاخيران اللذان اختار ثانيهما في المختلف بعد أن حكى أولهما عن السرائر إذ سبق علم الله تعالى بتعذر المثل وقت الاداء لا يوجب الانتقال إلى القيمة، إذ لا منافاة بين ضمان المثل وقت القرض، طردا للقاعدة الاجماعية، والانتقال إلى القيمة عند المطالبة، أو الدفع، كما أن التعذر بمجرده لا يوجب الانتقال إلى القيمة، لعدم وجوب الدفع حينئذ، فتشخص ضمان المثلي الذي هو حكم وضعي لا ينافيه التعذر إلى أن يجب دفعه بالمطالبة، فحيث لميوجد الآن ينتقل إلي قيمته، ومنه يعلم قوة أول الاخيرين.
لكن قد يقال: إن المطالبة لا تشخص القيمة في ذلك الوقت على كل حال، بل أقصاها وجوب دفع القيمة، وإن اتفق كونها وقتها مقدارا مخصوصا ثم تغير إلى زيادة أو نقصان، فالبدل عن المثل حينئذ لا يتشخص إلا بالدفع، إذ هو كالمعاملة عليه بها.
ومن هنا يمكن دعوى عدم وجوب قبولها مع عدم الطلب، لان المضمون إنما هو المثل كما يؤمي إليه ما تقدم في السلف، فينتظر حينئذ حتى يحصل، ومنه ينقدح احتمال عدم وجوب الدفع مع المطالبة أيضا، لانه غير الحق وظهور ضعفه يوجب قوة احتمال وجوب القبول مع الدفع، لانقلاب الدين إلى القيمة بالتعذر، سيما مع