جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج24-ص131
ومعارضته بما سمعت محتمل أو ظاهر أو صريح في غير التناول للاكل، ضرورة استبعاده في السنبلة الواحدة لعدم تعارفه بل ظاهر السائل الاقدام على ذلك باعتبار قلة الاكتراث بالسنبلة، فأجابه عليه السلام بالحكمة المزبورة.
وفي الحدائق (الظاهر أن هذا الخبر لا يدخل في سياق هذه الاخبار، فلا معنى لاجرائه في هذا المضمار، فإن موضوع المسألة الاكل من الثمار في مكانه من غير أن يحمله، والظاهر أن السنبل ليس من المأكول على تلك الحال، فالظاهر إرادة حمله، والمنع فيه مما لا خلاف فيه وهو حسن.
لكن قيل يتعارف أكله مقلا ونحوه، وخبر قرب الاسناد محتمل للكراهة، خصوصا مع استثنائه الضرورة، وعدم بيان حدها، بل الظاهر منها عدم الوصول إلى حد الخوف على النفس، أو أن المراد منه المنع منه مع قيام شاهدالحال على العدم كالحائط ونحوه، والخرص والتقبيل مع كونه في الغالب عند البلوغ، يمكن اعتبار أمر المارة فيه وإخراج النخلة لارادة المارة بصاحب البستان، فإن من المتعارف بذل شئ من الثمرة لمن يمر به، والمسلم من قيام السيرة علي ما يفسد وبناء الجدران ووضع الابواب للخوف من ذلك، على أنه إذا كان قد تعارف المنع خرج عن موضوع المسألة الذى هو الاكل مع عدم العلم بالمنع، وعدم البلوغ إلي حد التواتر لا يقضى بالمنع كما في غيره من الاحكام التي هي أهم منه، مع أنك قد سمعت دعواه ودعوى الاجماع وغيرهما، وليس في الاكل مع عدم الافساد إضمحلال لاموال الناس، بل ربما أدى إلى البركة فيها، ومثل هذه الباعثية لا تصلح دليلا للمنع، كوضوح العذر له، ولو أن نحو ذلك صالح لامتنع كثير من الاحكام الشرعية، وإباحة الشارع الثمرة للمارين أغنياء كانوا أو فقراء تجرى على الجميع كما اعترف هو به في آخر كلامه، لانه المالك الحقيقي، وليس مثل هذا الاختلاف في نقل الاجماع قادحا، كما أن عدم خلو النصوص عن البحث في السند أو الدلالة بعد الاعتضاد بما عرفت غير قادح أيضا.