جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج23-ص177
ولعل فرق الاصحاب بين الحضور وعدمه لذلك، على معنى، أن الحاضر منفصل بعنوان وصول تمام حقه إليه، على وجه يكون كالمعترف فعلا، بخلاف غير الحاضرولذا كان القول قول البايع مع الحضور والمشترى مع عدمه، ولعل هذا تحقيق المسألة إن لم يكن إجماعا على غيره.
وكيف كان فمما ذكرنا ينقدح الوجه فيما ذكره غير واحد، بل هو المشهور، بل عن التذكرة نسبته إلى علمائنا، بل في الرياض نفى الخلاف، (و) أنه هو الحجة من أنه (إن كان) المشترى قد (حضر) الكيل والوزن (فالقول قول البايع مع يمينه، والبينة على المشتري) خصوصا مع اعتضاد قول البايع هنا بظهور الحضور، في تمامية المقبوض، واحتمال السهو والغلط ونحوهما لا ينافى الظهور المزبور، بل قبضه مع حضوره، بمنزلة اعترافه بتمامية الفعل، فلا يسمع منه دعوى النقصان من دون ذكر وجه معتد به لما وقع منه، نحو ما
بعد حصول ذلك منه، فيتفق حينئذ الاصل والظاهر، والترك لو ترك في المقام، ولا فرق في ذلك بين دعوى كثرة النقصان وقلته.
ولكن في التحرير وإن حضر فالقول قول البايع إن ادعى نقصانا كثيرا، والوجه قبول قوله في قليل يمكن وقوعه في الكيل، وكأنه لحظ عدم الظهور في الاخير، بخلاف الاول، وفيه منع، مع أن العمدة ما عرفت، ومنه يعلم أنه لا وجه لتوقف بعضهم فيالحكم المزبور، وأنه لا دليل على اعتبار الظهور ورجحانه على الاصل أولا، ومنع الظهور ثانيا، لاحتمال الغلط والسهو وغيرهما، فان لم ينعقد إجماع كان الوجه تقديم قول المشتري على كل حال، إذ قد عرفت أن الوجه ما ذكرناه، ولا يرد مثله في الاول، لان المفروض عدم حضوره، بل كان قبضه مبنيا على إخبار البايع، بل لو اعترف كان المراد من اعترافه البناء على ظاهر الاخبار.
هذا كله إذا أبرز الدعوى بما ذكرنا.
أما لو ادعى المشتري عدم قبض جميع حقه كان القول قوله وإن كان حاضرا،