جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج23-ص146
بوجوب التسليم على كل منهما التقابض، وإلا فيجوز لاحدهما الامتناع عن التسليم، إن سبقه الآخر بالامتناع، كما هو مقتضى المعاوضة، والمعلوم من بناء المتعاقدين، بل إطلاق العقد بالنسبة إلى ذلك كالتصريح به.
لكن عن الاردبيلي بعد أن حكى عن الاكثر أنه إنما يجب عليهما معا الدفع بعد أخذ العوض، ويجوز لكل المنع حتى يقبض – أشكله بعدم النص، وثبوت الانتقال بالعقد يقتضى وجوب الدفع على كل واحد منهما عند طلب الآخر، وعدم جواز الحبس حتى يقبض حقه، وجواز الاخذ لكل حقه من غير إذن الاخر، لان ذلك هو مقتضى الملك، ومنع احدهما حق الاخر وظلمه لا يجوز الظلم للآخر ومنعه حقه، واستجوده المحدث البحراني، لكن قال: إن في فهم ذلك من عباراتهم في هذا المقام إشكالا، إذ غاية ما يفهم منها أن إطلاق العقد يقتضى وجوب تسليم المبيع والثمن، فالواجب حينئذ على كل منهما التسليم من غير أولوية تقديم، خلافا للشيخ.
فالغرض بيان تساويهما في وجوب التسليم ردا على ما سمعته من الشيخ، وأينهذا من المعنى الذى ذكره وأشكله، قلت: لا ينبغى التأمل في أن المفهوم من عبارات الاصحاب أن لاحدهما الامتناع بعد امتناع الاخر، وأن بناء المعاوضة على ذلك، وهو المراد مما في الدروس من أن حكم العقد تقابض العوضين، إلى أن قال: ” فإن تنازعا في التقدم تقابضا ” ونحوها غيرها لا أن الوجوب على كل منهما مستقل على كل حال وأن المالين بمنزلة الوديعتين فليس لاحدهما الامتناع عن التسليم مع عدم إرادة المقاصة مثلا بعد امتناع الاخر.
ومن ذلك يظهر أنه لا وجه لا شكال الاردبيلي بعد الفهم العرفي من إطلاق العقد، وفتاوى الاصحاب – بعد الاغضاء عما نقله عنهم – مما حاصله يرجع إلى ما ذكرناه في القول الثالث للشافعي، وربما حكي عن بعض الفسخ أو بعد الخلاف، وحينئذ يكون على وفق المشهور.
فتأمل جيدا.
فأن المقام لا يخلو من دقة.
وربما ظهر منه أيضا أن وجوب التسليم الذى اقتضاه العقد بعد الطلب، فلا تجب حينئذ قبله، وفيه أن ظاهر الاصحاب ما قدمناه سابقا من اقتضاء إطلاق العقد وجوب