جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج22-ص119
التقييد، فليس هو إلا لما ذكرناه من عدم المنافات، وانه قد علم من الادلة كون الجهاد من الافعال القابلة للنيابة، فالمكلف مخير بين أن يجاهد عن نفسه، فيكون هو احد افراد الكفاية، أو يؤجر نفسه فيكون نائبا ويصير المنوب عنه احد افراد الكفاية، الذين يسقط بهم الوجوب عن الغير فتأمل جيدا، فانه دقيق نافع وقد سلف في الجهاد ما يؤكد ذلك ولا إلى التزام عدم وجوبها الا بالشرط، فهي قبله غير واجبة، من غير فرق بين الانحصار وعدمه، وكذا بذل المال للمضطر إذ هو مع انه ممنوع في الاخير قطعا، ضرورة وجوب البذل مطلقا وان استحق الباذل العوض في الذمة مناف لصريح كلامهم في الأول، فانهم قد صرحوا بأن الصناعات ونحوها من الواجبات الكفائية، وان كان لا يخلو من اشكال، ولو سلم فالمراد منه وجوب وجود العارف بها، لا أنه يجب عليه العمل.
وقد يدفع بانه لا مانع من ذلك ضرورة توقف النظام عليه، كمااومأ إليه بقوله تعالى (1) (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا) ولا بأس بالوجوب مع العوض فتأمل، ولا إلى أن الاصل التحريم الا ما خرج بنص أو اجماع، ولا إلى غير ذلك من التجشمات التي من الواضح فسادها بادنى نظر.
بل التحقيق ما عرفته من عدم المنافات بين صفة الوجوب، واستحقاق العوض للوقوف على التراضي في صورة قيام الغير، والتقدير باجرة المثل في صورة عدمه، كبذل المال للمضطر، ولا ينافى ذلك تصريح غير واحد بعدم جواز اخذ الاجرة على ما في المتن حتى حكى
(1) سورة الزخرف الآية 32