جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج22-ص68
الرواة لاجل معرفة قبول الخبر وعدمه، ومعرفة صلاحيته لمعارضة وعدمها، والا لانسد باب التعادل والتراجيح الذي هو اعظم ابواب الاجتهاد، وجرت السيرة عليه من قديم الزمان، كجريانها على الجرح في باب الشهادة وعلى ترجيح ما دل على وجوب إقامتها، على ما دل على حرمة الغيبة على وجه لا إشكال فيه ولا شبهة تعتريه، والا لضاعت الحقوق في الدماء والاموال وغيرها، ولغلب الباطل على الحق، ومن ذلك ايضا ذكر المبتدعة الذين أمرنا بالوقيعة فيهم حذرا من اغترار الناس بهم، بل ربما دخل في ذلك ايضا نفي نسب من ادعى نسبا، وان كان معذورا أو عرف به فينفي عنه، بل ربما وجب دفعا للخلل في المواريث والنفقات والانكحة وغيرها، فيكون ذلك احد المستثنيات إذا فرض كونه غيبة، وقلنا بجوازه في غير مقام الشهادة والأمر بالمعروف، كما هو مقتضى ذكر شيخنا له في المستثنيات منها، بل من هذا الباب ايضا ما يقع بين العلماء في بيان الصحيح من الفاسد، ضرورة كونه من جملةالنصح في الدين إلا أن الانصاف كون هذا المقام من مزالق الشيطان فلا بد لمرتكب ذلك من تصحيح النية، فان الناقد لا يخفى عليه شئ من ذلك.
ومنها ما يقصد به دفع الضرر عن المذموم في دم أو عرض أو مال وقد وقع الطعن (1) منهم في زرارة معللين بذلك، ولعل منه ما وقع في الهشامين لكن لا يخفى عليك ان ذلك وشبهه ليس من الغيبة في شئ، بعد ما عرفت من اعتبار قصد الانتقاص فيها الذي به خرج باب المزح والهزل المأمور به في بعض النصوص تأكيدا للالفة وتحقيقا للمحبة، إلا أن ذلك كسابقة ينتقده الله فانه ربما صدر عن بعض
(1) جامع الرواة ج 1 ص 325