جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج17-ص292
مما يخشى مع فقده التلف، نعم لو كان المال قليلا غير مضر وغير مجحف اتجه الوجوب حينئذ وكان ذلك كزيادة أثمان الالات على الاقوى.
(و) من ذلك يظهر لك الحال فيما (لو كان في الطريق عدو) لا يأخذ المال قهرا إلا أنه (لا يندفع إلا بمال) ضرورة أولوية عدم السقوط به منالاول، لان الدفع فيه بصورة الاختيار بخلافه، لكن ينبغي تقييد المال بما عرفت، فما (قيل) كما عن الشيخ وجماعة من أنه (يسقط) الحج حينئذ (وإن قل) المال واضح الضعف، كاستدلاله بصدق عدم تخلية السرب، وبأنه من تحصيل شرط الوجوب فلا يكون واجبا، وبأنه إعانة على الظلم فلا يكون جائزا، وبأنه كأخذ المال قهرا، إذ لا يخفى عليك ما في الاخير بعد ما عرفت الحكم في المشبه به، بل وما في سابقه، ضرورة عدم كونه إعانة عرفا، بل هو من باب تحمل الظلم لاداء الواجب ومصانعة الظالم لتحصيل الحق، فهو من مقدمات الواجب المطلق كزيادة الاثمان ونحوها، ومع فرض القدرة عليها على وجه لا ضرر فيه ولا قبح يجب، ويكون مخلى السرب كما هو واضح.
ومن هنا قال المصنف: (ولو قيل: يجب التحمل مع المكنة كان حسنا) نحو قوله في المعتبر: والاقرب إن كان المطلوب مجحفا لم يجب، وإن كان يسيرا وجب بذله وكان كأثمان الالات، بل عن التحرير والمنتهى أنه استحسن نحوه ومما يؤيد ذلك كله استمرار الطريقة في هذه الازمان على وجه لم يكن فيه شك بين الاعوام والعلماء على وجوب الحج، وفلما ينفك الطريق فيها على نجد ونحوهعن ذلك ونحوه، بل لا ينفك عن بذل المال المجحف المضر، بل عن الاخذ قهرا إن لم يدفع بالاختيار، اللهم إلا أن يكون وجهه التمكن من السير على طريق لم يكن فيه ذلك، وحينئذ ينبغي اعتبار الاستطاعة على غير الطريق المزبور في كونه حج إسلام، مع أن ظاهر السيرة التي ذكرناها احتساب الحج فيه حج إسلام مع