جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج16-ص173
وسائر لوازم الامامة ساقطة في هذه الاوقات المشحونة بالمحن والابتلاءات، ودعوى توكيل الفقيه المأمون في القيام بما يمكن من ذلك عنه ممنوعة كل المنع، كدعوى القيام حسبة وإن لم يوكله كالولايات ونحوها في وجه.
وبالجملة فدعوى وجوب دفع حق الامام (عليه السلام) للاصناف الان من حيث وجوب الاتمام عليه حتى في هذا الزمان للمرسلين السابقين مما لا تستأهل أن يسود بها قرطاس أو يستعمل فيها يراع، وفي خبر المعلى بن خنيس (1) المروي في أصول الكافي في باب سيرتهم (عليهم السلام) في أنفسهم إذا ظهر أمرهم، قال: (قلت لابي عبد الله (عليه السلام) يوما: جعلت فداك ذكرت آل فلان وما هم فيه من النعم، فقلت: لو كان هذا لكم لعشنا معكم، فقال (عليه السلام): هيهات هيهات يا معلى أما والله ان لو كان ذلك ماكان إلا سياسة الليل وسياحة النهار ولبس الخشن وأكل الجشب، فزوي ذلك عنا، فهل رأيت ظلامة قط صيرها الله نعمة إلا هذه) وهو كالصريح في سقوط هذه التكاليف عنهم عند قصور اليد، وأما الاستناد إلى إذن الفحوى بالطريق المتقدم ففيه منع حصول العلم بالرضا بذلك، إذ المصالح والمفاسد التي في نظر الامام (عليه السلام) مما لا يمكن إحاطة مثلنا به، خصوصا من لم تزهد نفسه في الدنيا منا، فقد يكون صلة واحد من شيعته أو إطفاء فتنة بينهم أو فعل امور لها مدخلية في الدين أولى من كل شئ في نظره، كما يؤمي إليه تحليلهم بعض الاشخاص وأقاربهم في شدة الحاجةفكيف يمكن القطع برضاه فيما يفعله غيرهم، خصوصا مع عدم خلوص النفس من الملكات الردية كالصداقة والقرابة ونحوهما من المصالح الدنيوية، فقد يفضل على البعض لذلك ويترك الباقي في شدة الجوع والحيرة، بل ربما يستغني ذلك البعض بقبض ما حصل له فيحتال في قبض غيره إلى تمليلك زوجته أو ولده ما عنده
(1) أصول الكافي ج 1 ص 410 الطبع الحديث