جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج15-ص85
كون بلوغ الثلاثمائة غاية لفرض الثلاث داخلة في المغيا كما هو الشأن في أكثر الغايات الواقعة فيه وفي غيره من الأخبار المتضمنة نصب الابل والغنم، والكلام الذي بعده يقتضي إناطة الحكم يثبوت وصف الكثرة، وفرض زيادة الواحدة ليس من الكثرة فيشئ، فلا يتناوله الحكم حتى يقع التعارض، بل يكون خبر الفضلاء مشتملا على بيان حكم لم يتعرض له في الصحيح المزبور لحكمة، ولعلها التقية ” وأيده بعضهم بأن المعصوم (عليه السلام) بعد أن جعل الغاية نفس الثلاثمائة لا بلوغها ولا أولها كان المعنى إلى منتهى عدد ثلاثمائة، فإذا انتهى لا جرم يكون الزائد داخلا في الاربعمائة، لكنه عليه السلام لم يقل فإذا زادت واحدة ففي كل مائة شاة كما كان دابه القول كذلك في النصب الآخر وفي جميع النصب في غير هذه الصحيحة، بل عدل عنه إلى قوله (عليه السلام): ” فإذا كثرت ” إلى آخره، وما ذاك إلا لنكتة جزما، ومعلوم أن الزائد على الثلاثة كثير، بل الثلاثة أيضا وجميع المراتب بالنسبة إليه على حد سواء، وكون انقضاء ثلاثمائة قرينة معينة لارادة زيادة واحدة بعدها من لفظ ” كثرت ” لعله يمنعه العدول إلى عبارة ” كثرت ” المتوغلة في الابهام من دون نكتة أصلا، لأن الثلاثمائة والأنقص منها كثيرة أيضا كثرة كاملة بالغة من دون تفاوت بينها وبين ما إذا زادت واحدة فقط حتى يعبر المعصوم عنها بعبارة ” إذا كثرت ” مع عدم تعبيره أصلا فيما نقص عن زيادة خصوص الواحدة في هذه المرتبة بلفظ الكثرة أصلا، وغير خفي على الذوق السليم أن الوجه في مثل ذلك إنما هو التقية كما هو دأبهم (عليهم السلام) المعلوم في مواضع كثيرة، كل ذلك مضافا ألى اشتماله على مالا نقول به من قوله (عليه السلام): ” إن يشأ المصدق ” ومن قوله (عليه السلام): ” ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق ” إلا أذا أريد الاجتماع في الملك والافتراق فيه أو نحو ذلك، ومن قوله (عليه السلام): ” يعد صغيرها وكبيرها ” إلى غير ذلك.