جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج14-ص293
احتمالا، اللهم إلا أن يقال فرق بين المقامين، ضرورة انحصار الطريق في الثاني في التقدير، ولا مرجح لاحدهما على الآخر بخلاف ما إذا وجد أحدهما وفقد الآخر، فانهلامانع من الاكتفاء به عملا بما دل عليه، ولا حاجة إلى تقديره الاخر، بل لا معنى له، إذ أقصى ما يسلم من ظهور الخبر في التقدير انما هو فرض وجوده في خصوص ذلك الوقت بعد أن يكون أصله موجودا، أما إذا كان لا وجود له أصلا فلا معنى لتقديره خصوصا إذا كان البناء على المعتاد في تلك البلاد في مقدار ارتفاعه ومكان الاذان، كما يؤمي إليه إضافة الاذان إلى المصر مثلا ونحو ذلك، فتأمل.
وكيف كان فالمتجه على المختار الاكتفاء بالموجود منهما، ولا حاجة إلى مراعاة تقدير الآخر، وإذا فقد اكتفي بما يتحقق منهما على فرض وجوده، وهل يكفي الظن حال التقدير أو يعتبر القطع ؟ وجهان، أحوطهما إن لم يكن أقواهما الثاني، هذا.
وقد يشكل التقدير زيادة على ما عرفت بأنه بناء عليه تكون العلامتان ممكنتين دائما لا تنفك إحداهما عن الاخرى، ضرورة جريان التقدير في كل مقام، فلا وجه حينئذ لجعل الشرط أحدهما لا على التعيين، بل كان يكفي خصوص الاذان أو الجدران، سيما مع اختلافهما وحصول خفاء الاذان قبل خفاء الجدران غالبا إن لم يكن دائما، بخلاف ما إذا لم نعتبر التقدير، إذ وجه التعدد حينئذ اختلاف الامكنة في حصول كل منهما، فأريد التعميم بذكر العلامتين لكل من المكانين، واذ اتفق اجتماعهما فيمكان اعتبر خفاؤهما معا، لانه المتيقن، فلا يقدح التفاوت المزبور حينئذ.
وقد يجاب بأن التعدد قد يكون للتسهيل والتخفيف في غالب الامكنة، لعدم حصول كل الاطمئنان بالتقدير لكثير من الناس فيوكل الفرد النادر حينئذ إليه وهو من فقدهما معا لا واجدهما أو الواحد منهما، والتفاوت المزبور غير قادح في التقريبات من الشارع وإن صارت تحقيقية بعد تقديره تقريبا، خصوصا إذا كان يسيرا وكان إتفاقي