جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج14-ص292
عن أهل البيوت أولا، إذ ذاك أمر لا يرجع إليه، اللهم إلا أن يجعل ذلك على سبيل التخمين، وفيه أنه لا وجه له مع تمكنه منه على طريق التحقيق بأن ينظر إلى من في البيوت ولم ير أحدا منهم، فيعلم أنه توارى عنهم، لان الغالب مساواة الاشخاص والانظار، فلو كان ذلك هو العلامة لاعتبر الشارع الطريق إليها، فعلم كون المعتبر خفاء نفس البيوت لا من فيها.
فالوجه حينئذ بناء ذلك على التسامح في مثل هذا التفاوت اليسير، ولعله لاختلاف المسافرين باعتبار سهولة كل من العلامتين عليه، بل عدم تيسر الاخرى له إلا بمراعاة التقدير الذي يصعب الاطمئنان به في كثير من الامكنة، بل جزم بعض فضلاء المعاصرين بأن السبب في ذكر العلامتين التسهيل والتخفيف على المكلفين بالاكتفاء في التقصير بأيهما حصل من غير التفات إلى صورة الاجتماع وحصول أحدهماوتخلف الاخر، وانما المراد كون خفاء الاذان سببا في الجملة وكذا الجدران، فيكفي في صدق ذلك إذا كان كل منهما منفردا بدون الاخر كما هو الغالب على ما في الرياض بل جعل المعاصر المزبور ذلك هو مراد الاصحاب حتى من ذكر الواو فضلا عن (أو) لكن فيه انه مبني على أن اعتبار المعية في كلام بعضهم مخصوص بما إذا اجتمعا، أما إذ سافر عن مكان لا جدران فيه أولا أذان وجب الاكتفاء بأحدهما من غير ملاحظة الآخر كما جزم به الفاضل في الرياض والمقدس البغدادي وغيرهما، بل ظاهر الاخير منهما أنه من القطعيات التي لاشك فيها، وهو وإن كان على تقديره فيه نوع تأييد للمطلوب عند التأمل إلا أنه للنظر فيه مجال، لظهور مثل هذه العبارات في أمثال هذه المقامات نصا وفتوى في إرادة التقدير عند الفقدان.
فالمتجه حينئذ بناء على اعتبار المعية التي جعلت وجه جمع بين الخبرين اعتبار تقدير المفقود كما إذا فقدا معا، فانه لاريب في التقدير حينئذ وإن ذكره في الروض