جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج14-ص25
لعله كما قيل ظاهر الخلاف أو صريحه أيضا، وهو الحجة بعد اعتضاده بالاصل، وباطلاق مادل على جواز التسليم قبل الامام مما مضى ويأتي، وباستصحاب بقاء جواز الانفراد له وبظهور الادلة في استحباب الجماعة ابتداء واستدامة، وخروجها عن مهية الصلاة وإلا كانت معتبرة في صحتها وهو واضح الفساد، فابطالها حينئذ بعدم استدامة نيتها لا يستلزم إبطال الصلاة.
ولا إثم فيه، ضرورة اختصاص النهي عن إبطال العمل لو سلمإرادة ما يشمل مثل ذلك منه، إذ من المحتمل في الآية (1) إرادة الابطال بنحو الارتداد وشبهه بالصلاة لا كل عمل، بل الظاهر إرادة الواجبة منها كما حرر في محله، ولقد أجاد الاردبيلي فيما حكي عنه من الاستدلال على جواز المفارقة قبل التسليم بالاصل وكون الجماعة مندوبة، ولا تجب المندوبة بالشروع عندهم إلا الحج بالاجماع.
وما عساه يقال – من أن الجماعة وصف لماهية الصلاة كالظهرية والعصرية ونحوهما لا أنها من الاوصاف الخارجية كالمسجدية ونحوها، ولذا بطلت الصلاة في فقدان أحد الشرائط السابقة من الحائل والعلو ونحوهما ولو كان لم يعلم بهما المكلف حتى فرغ، فلا يجوز العدول حينئذ إلا بدليل خاص مثل العدول بالانفراد إلى الائتمام والعدول بالظهر إلى العصر ونحوهما، لا مثل العدول من إمام إلى آخر، إذ لو سلم جوازه اختيارا أمكن الفرق بينه وبين المقام بأن خصوص الامام من مشخصات أفراد الصلاة كالمكان الخاص والساتر الخاص ونحوهما بخلاف أصل الجماعة التي بسببها تنقسم الصلاة قسمين فرادى وجماعة – يدفعه أولا ما عرفت من وجوب الدليل على ذلك، كالاجماعات المحكية المعتضدة بما عرفت من الشهرة ونحوها، وثانيا منع كون الجماعة من الاوصاف المقومة المنوعة، بل ليست هي إلا كالمسجدية والامامة ونحوهما، وثبوت بعض الاحكام لهالا يستلزم كونها كذلك، ومن هنا لم تبطل الصلاة في جملة من المقامات التي انقطعت
(1) سورة محمد صلى الله عليه وآله الآية 35