جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج9-ص384
وجوب الجهر في الصلاة مثلا، على أنه أخص من الدعوى، إلا أن يراد كونه عورة كالبدن يجب ستره في الصلاة وإن لم يكن أجنبي وفيه منع واضح، خصوصا والمستدل به يذهب إلى تخييرها بينه وبين الاخفات إذا لم يكن أجنبي، مضافا إلى أن معارضتهلما دل على وجوب الجهر من وجه، فيحتاج تحكيمه عليه حينئذ إلى الترجيح، وإلى إمكان اختصاص الحرمة بالسامع دونها، وإلى ما في الحدائق وحاشية الاستاذ الاكبر من أنه على تقدير الحرمة لا وجه للفساد، ضرورة كون النهي عن أمر خارج، وفيه انه ليس الجهر إلا الحروف المقروة، ضرورة كونها أصواتا مقطعة غالبا كان الصوت أو خفيا، فليس هو حينئذ أمرا زائدا على ما حصل به طبيعة الحرف مفارقا له كي يتوجه عدم البطلان كما هو واضح، ونحوه الغناء في القراءة، ولعل ذا هو مراد الاصوليين بجعل الجهر والاخفات من الصفات اللازمة، لكن على كل حال لا تتم دلالة الدليل المزبور على تمام المطلوب.
كما أنه لا يتم الاستدلال عليه أيضا بما في الرياض من اختصاص النصوص الموجبة له وللاخفات بحكم التبادر من سياق أكثرها وفتوى الفقهاء بالرجل دونها، فتبقى على الاصل حينئذ، قال: ومنه يظهر عدم وجوب الاخفات في مواضعه أيضا كما صرح به جمع، ولكن ينافيه ظاهر العبارة ككثير حيث خصوا الجهر بالنفي، ووجهه غير واضح، إذ فيه أولا منع اختصاص النصوص بالرجل، بل فيها الفعل المبني للمجهول ونحوه مما يشملهما مما، وثانيا بعد التسليم فليس هو إلا موردا لا يعارض قاعدةالاشتراك الثابتة بالاجماع وغيره، بل الواجب التمسك بها إلا أن يعارضها ما هو أقوى منها، بل لا يقدح وقوع الخلاف في التمسك بها في محله فضلا عن غيره وإن كان الاجماع عمدة أدلتها، ضرورة انعقاده على القاعدة التي قامت حجة بنفسها من غير حاجة إليه.
الجواهر – 48