جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج9-ص171
أنها جزء أخير، والمحرك للاعضاء قدرة، فجميع جنود القلب ثلاثة: الارادة والقدرة والقوى الدراكة الظاهرة والباطنة، ولما اصطحبت في الانسان هذه الجنود اجتمعت فيهأربعة أوصاف: سبعية تحمله على العداوة، وبهيمية تحمله على الشره والحرص، وربانية تحمله على الاستبداد والانسلال من القيود السفلانية والاطلاق عن ربقة العبودية، وشيطانية تحمله على المكر والخديعة، فمن تسخرت نفسه للصفة الربانية فحبل الله قصده، والآخرة مستقره، والدنيا منزله، والبدن مركبه، واللسان ترجمانه، والاعضاء خدمه والحواس جواسيسه، تؤدي ما تطلع عليه من المحسوسات إلى الخازن، وهو القوة الخيالية، ثم يعرض الخازن ذلك على الملك اعني حقيقة الانسان، فتقتبس منه ما يحتاج إليه في تدبير منزله ونيل السعادة في آخرته، ولتمام تحقيق هذه المطالب محل آخر.
انما المراد بيان ان الداعي عبارة عن تلك الارادة المؤثرة في وجود الفعل المنبعثة عن تصور غاية الفعل، وبها يكون الفعل منويا، إلا أنه إذا كان عبادة اعتبر فيها كونها منبعثة عن إرادة قصد الامتثال وما تصور له من الغايات وأذعن بها، ولا يتوقف ذلك على خطور الغاية في الذهن عند الفعل، بل يكفي وجودها في الخزانة، بل لا يتوقف على تصور الفعل حين الفعل، بل تصوره السابق مجز، بل تعيينه السابق حيث يكون متعددا أيضا كاف نعم قد يحتاج إلى خصوص التعيين إذا فرض عدم انبعاث الارادة المؤثرة في وقوعه عن تصور غاية الفعل المعين، ولعل الحكم في النصوص يكون ما في يدهمن الافعال لما قام لها من الفريضة يؤمي إلى بعض ما ذكرناه على أحد الوجهين، إذ يمكن أن يكون ذلك لانبعاث تلك الارادة عن التعيين الذي حصل في الذهن ووقع القيام له فظهر من ذلك أنه لا يتوقف في كون الفعل منويا مقصودا به الامتثال على أزيد من مقارنته أول الفعل لتلك الارادة المنبعثة عن ما عرفت، ولا يحتاج إلى خطور غيرها فضلا عن الاستحضار الذي هو في الحقيقة علم بالخطور والتفات آخر للقلب إلى ما حصل