جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج8-ص406
المتضمن للنهي للمصلي، بل ربما كان في سكوتهم (عليهم السلام) وعدم إنكارهم على المارين إيماء إلى عدم ذلك، مضافا إلى الاصل وغيره، لكن في الذكرى الجزم بكراهة المرور مع السترة وعدمها، قال: لما فيه من شغل قلبه وتعريضه للدفع، وحرمه بعض العامة لما صح عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) في رواية أبي جهم الانصاري (1) ” لويعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه ” وشك أحد الرواة بين اليوم أو الشهر أو السنة، وهو محمول على التغليظ، لانه صح في خبر ابن عباس (2) أنه مر بين يدي الصف راكبا ولم ينكر عليه ذلك، فان قلت في الرواية ” وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ” فترك الانكار لعدم البلوغ، قلت: الصبي ينكر عليه المحرمات والمكروهات على سبيل التأديب.
قلت: لا يخفى عليك ما في الركون إلى هذه التعليلات وأمثال هذه الروايات في إثبات الاحكام الشرعية ولو على التسامح، ضرورة كون مثله تسامحا في التسامح، نعم قد يحتج للكراهة بنصوص الدرء وخبر الدعائم بدعوى أنها المناسبة لامر المصلي بأن يدرأ ما استطاع، ولنهيه عن دعة المار، إذ من المستبعد إباحة المرور أو ندبه مع أمر المصلي بالدفع وأن لا يدعه، وإن كان لا مانع منه عقلا، لكن قد عرفت أن المراد بنصوص الدرء الكناية عن التستر، كما أن الظاهر عامية خبر الدعائم، فحينئذ يشكل الجزم بالكراهة للمار، خصوصا أذا لم يضع المصلي سترة باعتبار أنه قد يقال هو ضيع حق صلاته ولم يجعل ما أعده الشارع رافعا لتأثير المرور فيها، كما قال في الذكرى: إنه لو كان في الصف الاول فرجة جاز التخطي بين الصف الثاني لتقصيرهم باهمالها، وإنكان لا يخلو من نظر، بل وإن وضع سترة، فانه قد يقال حينئذ إنه يحكم المتستر، فلا يكره المرور بين يديه، بل قد يؤيد عدم الكراهة مطلق ظهور النصوص في أن السترة ترفع
(1) و (2) صحيح البخاري ج 1 ص 104 – 101