جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج8-ص308
إلى غير ذلك من النصوص التي قد يقرر دلالتها على المطلوب بأن هذا الاختلاف فيها لا يصلح له إلا الكراهة المختلفة باختلاف هذه المراتب شدة وضعفا كما لا يخفى على الخبير الممارس لما وقع منهم (عليهم السلام) في بيان المندوبات والمكروهات من منزوحاتالبئر وغيرها، أو بأن هذه النصوص قد اشتركت في الدلالة على عدم اعتبار الحائل والعشر، فإذا انتفى ذلك ثبت الجواز مطلقا، إذ لا قائل بالفصل سوى ما يحكى عن الجعفي من المنع فيما دون عظم الذراع والجواز معه، وهو شاذ لم ينقله إلا قليل، بل ظاهر جمع الاجماع على خلافه حيث ادعوا عدم القول بالفرق بين القولين المشهورين مؤذنين بدعوى الاجماع على فساد القول الثالث، فلابد حينئذ من حمل النهي في بعضها والبأس في مفهوم الآخر على الكراهة، ومعارضة ذلك بأنها قد اشتركت في الدلالة على المنع في الجملة، فيثبت خصوص العشر والحائل مثلا لعدم القول بالفصل إلى آخر ما عرفت يدفعها أن ذلك مقتض لطرحها، ضرورة عدم الوجه لما فيها من التصريح بالجواز مع حصول الشبر ونحوه بما ذكر فيها، بخلافه على التقدير الاول الذي قد عرفت حمل النهي والبأس على الكراهة باختلاف مراتبها بناء عليه، ولا ريب أن ذلك أولى من الطرح.
بل منه ينقدح مرجح آخر لادلة الجواز زائد على الاصل والاطلاقات والشهرة المتأخرة وغير ذلك مما عرفته، وهو أنه بناء على العمل بها يتجه حمل نصوص المنع على الكراهة التي هي مجاز شائع حتى ادعي مساواته للحقيقة، بخلاف العكس المقتضي لطرحأدلة الجواز التي هي أكثر عددا وأوضح سندا بل ودلالة، إذ الاولان وإن اشتملا على لفظ النهي في جواب السؤال الذي يمكن دعوى ظهوره في إرادة مطلق الجواز، إلا أن الاستدارك بعده بذكر تقديم الرجل الذي هو مستحب على الاصح كما ستعرف قد يشعر بعدم إرادة الحرمة منه، وإلا كان المناسب استدراك الجائز: أي تقدم