جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج8-ص289
مقدمة لخصوص فرد من أفراد الغسل الذي هو عبارة عن انتقال الماء من جزء إلى آخر،فالنهي حينئذ عن أمر خارجي لا مدخلية له في العبادة، بخلاف قيام الصلاة ونحوه من حركاتها وسكناتها، ومثلها المناقشة من بعض مشائخنا أيضا بأن المقدمة إذا انحصرت في الحرام فالتكليف بذيها إن كان باقيا لزم التكليف بالمحال، وإن لم يكن باقيا لزم أن لا تكون المقدمة واجبة مطلقا، لان وجوبها من جهة وجوب ذيها، إذ هي أيضا كما ترى يدفعها فرض المسألة الوضوء مثلا بالمكان المغصوب مع القدرة على المباح، فلا انحصار للمقدمة بالمحرم، وأوضح منهما فسادا ما عن الذكرى من المناقشة بأن هذه الافعال من ضرورتها المكان، فالامر بها أمر بالكون مع أنه منهي عنه، إذ بعد تسليم التلازم بين هذين الامرين لا يقتضي توقف امتثال الامر بالافعال على امتثال الامر بالكون، فالعصيان فيه حيئنذ لا يقتضي بطلانا في الافعال بعد عدم ثبوت اشتراط صحتها بعدم العصيان في الكون، إذ التلازم بين الامرين لا يقتضي ذلك قطعا، كما هو واضح.
نعم قد يناقش بأن الغسل جريان الماء على المغسول، وانتقال الماء من جزء إلى آخر، وكل منهما حركة توليدية من المكلف في المغصوب، فهي محرمة لا يصح تعلق الامر بها فيبطل، أللهم إلا أن يقال: إن الغسل عبارة عن نفس الاثر الحاصل من تلك الحركة، فهي مقدمة له لا عينه، فلا يقدح حرمتها حينئذ في صحة العبادة التي هيشئ آخر غيرها، أو يناقش بأن أهل العرف لا يتوقفون في صدق التصرف عرفا في المكان المغصوب بنفس الوضوء والغسل والانتفاع، بل لو كان مسقط الماء مغصوبا كان كافيا في الصدق المزبور فضلا عن نفس الوضوء فيه مثلا، والمدار في الحرمة على هذا الصدق لا على تلك التدقيقات الحكمية، ولعله لذا جزم بالبطلان في المحكي عن نهاية الاحكام والذكرى والدروس والموجز الحاوي وكشف الالتباس والروض والمقاصد العلية ومجمع البرهان، بل تسرى شيخنا وحيد عصره الشيخ جعفر إلى البطلا في كل
