پایگاه تخصصی فقه هنر

جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج8-ص34

وانما يتم بالمعنى الذي أراده، وهو اليمين أو اليسار المقاطع لجهة القبلة على قوائم في بعض البلاد، والاخبار مطلقة، وبلد المخبر والراوي فيها أيضا منحرف عن نقطة الجنوب إلى المغرب، ولم أر ممن قبل الفاضلين اعتبار المشرق والمغرب، وليس في كلامهما ما يدل على مرادفتهما لليمين واليسار، وملاحظة الآية: أي قوله تعالى (1) ” ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ” والاخبار ترفع استبعاد أن يكون الانحراف اليهما كثيرا وإن لم يبلغا اليمين أو اليسار، والانحراف اليهما يسيرا وإن تجاوز المشرق والمغرب.

وأما اليمين واليسار فهما مذكورتان في الناصريات والاقتصاد والخلاف والجمل والعقود والمصباح ومختصره والوسيلة، ولكن لا يتعينان للجهتين المقاطعتين للقبلة على قوائم، وانما تظهر مباينتهما للاستدبار، وهي أعم، لكن الاستدبار يحتمل البالغ إلى مسامت القبلة والاعم إلى اليمين أو اليسار، فان أرداوا الاول شمل اليمين واليسار في كلامهم كل انحراف إلى الاستدبار الحقيقي المسامت، وإن أرادوا الثاني شملا كلانحراف إلى اليمين واليسار المقاطعتين على قوائم لا ما فوقهما، وذلك لانهم لم يفصلوا الانحراف إلا بالاستدبار واليمين واليسار، قلت: بناء على ما ذكرناه سابقا في كلامهم من عدم إرادتهم ما بين اليمين واليسار، وانه قبلة عندهم يتعين على الثاني إرادة الانحراف اليهما نفسيهما لا كل انحراف وإن لم يصل اليهما، والذي يختلج في البال بناء هذا التنزيل على التسامح والتوسعة بارادة جهة المشرق والمغرب لكل أحد تكون قبلتة في هذا السمت، فلا فرق حينئذ بين من انحرفت قبلته عن نقطة الجنوب والشمال وغيرهما ولا بين الاعتداليين من المشرق والمغرب وغيرهما، إذا المراد التوسعة في أمر الجهة في بعض الاحوال، لكن ومع ذلك فالاحتياط لا ينبغي تركه بحال.

وكيف كان فقد ظهر لك مما قدمناه سابقا أنه كان مقتضى الاصل المستفاد من

(1) سورة البقرة – الآية 172