جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج8-ص17
وان كان إلى غيرها فالاقرب الجواز، قلت: ولا يتوهم من التعبير بلفظ الاقرب وقوع خلاف في ذلك، بل الظاهر أنه للاحتمال دون القول، فانا لم نعثر على من حكي عنه ذلك، بل ظاهر نسبة الشيخ ذلك للشافعي عدم كونه لاحد من أصحابنا.
وهو كذلك على الظاهر، نعم حكي عن نهاية الاحكام وكشف الالتباس في الفريضة حيث تجوز على الراحلة أنه لابد أن يستمر على جهة واحدة، قالا: ” المصلي لابد أن يستمر على جهة واحدة لئلا يتشوش فكره، وجعلت الجهة التي يصلى إليها اختيارا الكعبة لشرفها، فإذا عدل عنها لضرورة السير وجب التزام الجهة، ثم الطريق لا يستمر علىجهة فلابد فيه من معاطف يمنة ويسرة، فيتبعه كيف كان للحاجة ” ولعلهما لا يقولان به في النافلة، أو لم يريدا الوجوب الشرطي، أو غير ذلك، وإن أبيت فلا ريب في ضعفه كما لا يخفى على من لاحظ نصوص المقام الظاهرة في إرادة التوسعة وعدم الالتزام بالجهة، خصوصا المشتملة على الاستدلال بقوله تعالى: ” فاينما تولوا فثم وجه الله ” وتخصيصها توجه الدابة مع أنه في مقام توهم الحظر جريا على الغالب من إرادة الراكب ذلك، فلاحظ وتأمل.
ولا فرق في ذلك بين الابتداء وغيره، فلو صلى من أول الامر إلى غير توجه دابته مثلا صح وإن كان توجه دابته إلى القبلة فضلا عن غيره، فله الركوب حينئذ مقلوبا ثم الصلاة، إلا أن الاحتياط مراعاة توجه الدابة، وإن كان الاقوى ما ذكرناه، كما أن الاقوى إرادة الرخصة أيضا مما تضمنته النصوص من الايماء لا العزيمة، فلو ركع الماشي وسجد وكذلك الراكب لكونه في كنيسة واسعة مثلا صح قطعا، بل كاد يكون صريح حسن بن عمار (1) المتقدم في الماشي، إذ حمل الركوع والسجود فيه على الايماء لهما لا داعي إليه، بل لا يبعد عدم قيام الايماء مقامهما لراكب السفينة المتمكن منهما كما
(1) الوسائل – الباب 16 من أبواب القبلة الحديث 1