جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج7-ص65
الفقهاء إلى معنى آخر، وقد ذكر علماء الاصول في تحرير محل النزاع في الحقيقة الشرعية ان موضع الخلاف هي الالفاظ المتداولة على لسان المتشرعة التي هي حقائق عندهم في معانيها الشرعية، ومقتضى ذلك ان كل حقيقة شرعية حقيقة في عرف المتشرعة، فلو كان الوتر حقيقة في غير الواحدة في عرف الشارع لزم ان يكون كذلك في عرف المتشرعة، والمعلوم من حالهم خلاف ذلك.
فالاقوى حينئذ القول الاول، ودونه في القوة – وان كان هو اقوى من الثاني إلا انه لم نجد قائلا به بخلاف الثاني – احتمال اشتراك لفظ الوتر بين الكل والجزء، للاستعمال فيهما على وجه يمكن دعوى استفادة كونه حقيقة في كل منهما.
وكيف كان فأقوال اصحابنا منحصرة في القولين وان كانت الاحتمالات ثلاثة،نعم يحكى عن الزهري من العامة انه في شهر رمضان ثلاث ركعات وفي غيره ركعة واحدة، ولا شاهد له من الاخبار، بل قيل ولم يوافقه على ذلك احد من الفقهاء، وعن الشافعي وأحمد في احدى الروايتين عنهما ان الوتر كل فرد من صلاة الليل من الواحدة إلى الاحدى عشر، أقله الاول، وأكثره الثاني، وما بينهم من الافراد مترتبة في الفضل، وادنى الكمال هو الثلاث، وافضل منه الخمس، ثم السبع، ثم التسع، ثم الاحدى عشر، ولا يجوز الزيادة عليها، استنادا إلى الجمع بين ماروي (1) عنه (صلى الله عليه وآله) انه قال: (الوتر حق على كل مسلم، فمن أحب ان يوتر بسبع فليفعل، ومن أحب ان يوتر بخمس فليفعل، ومن احب ان يوتر بثلاث فليفعل، ومن احب ان يوتر بواحدة فليفعل) وما روي (2) ايضا (انه (صلى الله عليه وآله) كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث،
(1) رواه أبو داود في سننه – ج 2 ص 85 – وليس فيه جملة ” فمن احب أن يوتر بسبع فليفعل ” (2) سنن البيهقى – ج 3 ص 2