جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج5-ص365
لا غيره من الكائن في اللحم ونحوه مما لم يكن من شأنه أن يقذف، نعم هو يتنجس باختلاطه معه، كما انه يتنجس بمباشرة آلة المسفوح أو يد الذابح قبل غسلهما مثلا.
والمراد بالذبيحة في معقد الاجماعات مطلق المذكاة تذكية شرعية قطعا من غير فرق بين الذبح والنحر وغيرهما، بل لا يبعد إلحاق ما حكم الشارع بتذكيته بذكاة أمه، فيعفى حينئذ عن جميع ما فيه من الدم على إشكال، نعم لو فقد بعض ما يعتبر في التذكية شرعا من إسلام وبلوغ ونحوهما دخلت في الميتة، ونجس سائر دمها، لعموم الادلة، إذ ليس المدار على مجرد خروج الدم المسفوح، كما هو واضح.
هذا كله فيما يعتاد تذكيته من مأكول اللحم، ونحوه ما لم يعتد منه على الظاهر، أما ما يذكى من غير المأكول ففي البحار وشرح الخوانساري والحدائق وشرح الاستاذ للمفاتيح أن ظاهر الاصحاب نجاسة دمه مطلقا كما عن الذخيرة وموضعين من الكفاية، وكأنهم أخذوه من إطلاق الاصحاب نجاسة دم ذي النفس مع تنزيل ما استثنوه من دم الذبيحة على المتبادر منها، وهو المأكول، بل مطاوي كلماتهم كالصريحة بذلك، فيبقى حينئذ ما دل على النجاسة لا معارض له.
قلت: إن تم إجماعا كان هو الحجة، وإلا كان للنظر فيه مجال، لظهور مساواة التذكية فيه لها في المأكول بالنسبة إلى سائر أحكامها عدا حرمة الاكل، ولفحوى ما دل على طهارته بالتذكية، بل لعل ذلك شامل لجميع أجزائه التي منها الدم عدا ما خرج، وللعسر والحرج في التحرز عنه إذا أريد أخذ جلده أو الانتفاع بلحمه في غير الاكل، بل لا يمكن استخلاص اللحم منه القاضي بعدم الفائدة للحكم بطهارته.
ولعله لذا حكى في المعالم انه تردد في حكمه بعض من عاصرناه من مشائخنا، وان كان ما حكى عنه من منشأ التردد ضعيفا، حيث جعله من إطلاق الاصحاب الحكم بنجاسة دم ذي النفس، ومن ظاهر قوله تعالى: ” أو دما مسفوحا ” لاقتضائه حلية