جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج5-ص353
وكذا إطلاق بعضهم حكمية نجاسة الميت، وأخر العينية، ونحو ذلك هو الذي ألجأ الصيمري في كشف الالتباس إلى إساءة الادب مع الاصحاب الذين بهم تمت الحجة وقامت الشريعة، وإلى ما لا نأمل أن يقع من مثله بالنسبة إليهم، قال فيه: ” اعلم أن نجاسة الميت أشكل مسألة في الشرع، ولقد خبط فيها علماء السنة والشيعة خبط عشواء “.
ثم انه أطنب في المقال غاية الاطناب، وظن أنه جاء بشئ، والناظر فيه يعلم أنه عن ذاك بمعزل، وليت شعري ما الذي حداه إلى ذلك هنا، فان كان تعدد أقوال الاصحاب فهو أقل قليل بالنظر إلى غير المقام، وان كان إجمال الامر عليه حيثلم يعرف مرادهم بالحكمية والعينية فهو قصور منه لا عيب منهم.
مع انه صرح غير واحد بما يكشف ذلك، فقال: إن الحكمية قد تطلق ويراد بها ما لا جرم له من النجاسات كالبول اليابس ونحوه، وقد تطلق ويراد بها ما يكون المحل الذي قامت به طاهرا لا ينجس الملاقي له، ويحتاج زوال حكمها إلى النية، وقد تطلق ويراد بها ما يقبل التطهير من النجاسة كبدن الميت، وقد تطلق ويراد بهاما حكم الشارع بتطهيرها من غير ان يلحقها حكم غيرها من النجاسات العينية، وتقابلها العينية في الاربعة، فاطلاق الاصحاب حنيئذ عليها حكمية تارة، وعينية أخرى انما هو باختلاف الجهتين والاعتبارين، أو من جهة اختيار أحد القولين السابقين، وليس ذلك من التناقض في شئ حتى يلتجئ له إلى هذا التشنيع الشنيع، وكأنه لم يلحظ إيضاح الفخر أو جامع المقاصد والروض وفوائد القواعد.
وقد عرفت أن الاقوى عندنا انها حكمية بمعنى قبولها للتطهير واحتياجها إلى النية، وعينية بمعنى تعدي النجاسة منها إلى ما يلاقيها برطوبة، وكذا ما لاقى ما يلاقيها كذلك، ولو لا مخافة الاطناب لتعرضنا إلى ما يكشف عنه ما توهم من دعوى التناقض في كلمات الاصحاب، كما انه لولاه لكشفنا اللثام عن أمور أخر لها نوع تعلق في المقام،ولعل فيما ذكرنا الكفاية إن شاء الله.