جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج3-ص281
على ان في تقييد خبر النفساء بالمبتدأة ما لا يخفي، بل وسابقه أيضا، لما في قصر المطلق على الفرد النادر، وما أدري ما الذي دعاه إلى تخصيص المبتدأة بالمعني الاول، وكأنه لتصريح جملة من الاصحاب في خصوص المقام بخروج المضطربة عن هذا الحكم وتخصيصه بالمبتدأة أو لان ثبوت اختلافها مع نسائها يمنع من الرجوع إليها عند الاشتباه لكن عرفت أن مرادهم بالمضطربة المتحيرة، كما يشعر به تعليله في الذكرى وغيرها ذلك بأنها قد سبقت لها عادة ونسيتها، وهو لا يشمل ما نحن فيه، والثاني مجرد اعتبار لا يصلح مدركا للاحكام الشرعية، مع عدم تماميته في جميع الصور، كما لو لم يجئها الدم إلا مرة واحدة وافقت به نساءها ثم استمر بالمرة الثانية، وأيضا فمثله وارد بالمبتدأة بالمعنى الاخص إذا اتفق تمييزها بالدورين الاولين مخالفا لنسائها ولم يثبت لها عادة فانها إذا فقدته في الدور الثالث ترجع إلى نسائها وان ثبت اختلافها معهن، ودعوى الفرق بين الاختلاف التمييزي وغيره ممنوعة، لكون التمييز عندهم يجرى مجري الحيض المعلوم،ولهذا تثبت العادة به لو اتفق تكريره جامعا لشرائطها.
فظهر لك من ذلك كله ان الاقوى ثبوت هذا الحكم للمبتدأة بالمعنى الاعم فضلا عن المعنى الاخص، وما في رواية السنة (1) من ظهور رجوع المبتدأة بالمعنى الاخير فضلا عن الاول إلى التحيض في علم الله في كل شهر بستة أو سبعة لابد من تقييده، لعدم مكافاته لما تقدم، كغيره من الاخبار التي ستسمعها ان شاء الله في المرتبة الثالثة، وهو التحيض بالروايات، بل احتمل في الذكرى ان المراد بعلم الله أي فيما علمك من عادة النساء، فانه الغالب عليهن، وهو وان كان بعيدا في نفسه لكن لا بأس به في المقام، فما يظهر من المصنف في المعتبر من التردد في الحكم وتبعه بعض متأخري المتأخرين ضعيف، كالمنقول من الخلاف فيه كما تقدم من الغنية، فتأمل.
(1) الوسائل – الباب – 8 – من أبواب الحيض – حديث 3